بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بدأت تضع عراقيل سياسية وفنية أمام جهود توحيد المؤسسة العسكرية، لصالح تأييد موقف رئيس حكومة الوفاق فايز السراج.

 

تتحرك القاهرة نحو استئناف اجتماعات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية في محاولة للانخراط في الجهود الإقليمية لإرساء الأمن والاستقرار، ومنح دفعة جيّدة للمسار السياسي في ليبيا والوصول إلى تفاهمات تساعد على وضع جدول زمني لإجراء الانتخابات، التي تحتاج إلى قوة أمنية نظامية لتأمينها وضمان احترام نتائجها.

 

وتأتي هذه التحركات مع وصول غسان سلامة المبعوث الأممي، ومساعدته ستيفاني وليامز إلى القاهرة، حيث أجريا محادثات مختلفة مع المسؤولين في مصر، يومي السبت والأحد، تطرقت إلى العديد من الملفات، وفي مقدمتها توحيد الجيش الليبي.

 

وعلمت “العرب” أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بدأت تضع عراقيل سياسية وفنية أمام جهود توحيد المؤسسة العسكرية، لصالح تأييد موقف رئيس حكومة الوفاق فايز السراج الذي يتمسك بمنصب القائد الأعلى للجيش، مدعوما من المبعوث الأممي الذي يتحفظ على وضع المشير خليفة حفتر على رأس القيادة العامة للجيش الليبي.

 

ويرى مراقبون أن تدخل الأمم المتحدة لصالح دعم جهة دون أخرى، يهدد بنسف جهود القاهرة وما تم التوصل إليه من نتائج مهمة على مدى أكثر من سنة. ولم يبد سلامة اهتماما بالدور العسكري الذي يمكن أن يقوم به اللواء السابع- مشاة الذي دخل طرابلس قبل نهاية شهر أغسطس الماضي، ويسعى إلى الفصل بين دور الجيش في الغرب والشرق، وعرقلة الاجتهادات التي قدّمت إليه خلال زيارته للقاهرة وتجاوز الخلاف السياسي والأمني لتوحيد الجيش.

 

وحرصت السفيرة الأميركية السابقة ستيفاني وليامز على الإنصات كثيرا للمسؤولين في القاهرة، وفهمت بعض الدوائر المصرية أن موقفها يبدو غير منسجم مع رؤية سلامة الرافضة لجهود توحيد المؤسسة العسكرية، وتحتفظ بمسافة بعيدا عنه، وتدرك أن تصرفاته بدأت تثير إزعاج بعض الأطراف، ما يعرقل الكثير من الخطوات الجادة الفترة المقبلة.

 

ويتمسك السراج بمنصب القائد الأعلى للجيش الليبي، وهو ما ترفضه مؤسسات ليبية في مدن الشرق، وتطالب بأن يكون المنصب بالمحاصصة بين رؤساء الأجسام السياسية (مجلس النواب- المجلس الرئاسي- مجلس الدولة) المنبثقة عن اتفاق الصخيرات.

 

وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد السلاك، في تصريحات لـ”العرب” من طرابلس، دعم السراج للمسار التفاوضي الهام حول توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، شريطة أن تكون تحت السلطة المدنية.

 

وشدّد السلاك على ضرورة أن تكون هناك جهود موازية باتجاه إنهاء حل الخلاف السياسي وإنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات الليبية كافة. والتقى سلامة وستيفاني، الأحد، رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، ورئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح.

 

مصر متمسكة بدورها في توحيد الجيش بشكل كامل دون تغيير في الصيغة التي تم الاتفاق عليها بين اللجان الفنية الليبية

 

وكشف مصدر دبلوماسي لـ”العرب”، وجود حالة من عدم الارتياح لمواقف المبعوث الأممي إلى ليبيا، تشير إلى عدم رغبته في التخلص من هيمنة الميليشيات المسلحة على مؤسسات الدولة في طرابلس، وتحميل حفتر وحده مسؤولية استمرار حالة الانقسام بين الأطراف الليبية.

 

وأوضح المصدر أن البعثة الأممية “ترتكب أخطاء يمكن أن تنسف العملية السياسية، بعد تلويحها بعدم التمسك باتفاق الصخيرات، وتصميم غسان سلامة على تعديل رؤيته الخاصة بحل الأزمة، فضلا عن توجهات البعثة حيال ترويض الميليشيات المسلحة وإعادة تدويرها لشرعنة وجودها في العاصمة، وقطع الطريق على محاولات انخراط الجيش والشرطة في تأمين مفاصل الدولة بعيدا عن سيطرة الميليشيات” .

 

ويحرص سلامة على إظهار امتعاضه من دور الميليشيات المسلحة التي تهيمن على طرابلس، لكنه لم يرفض قطعا أي دور مستقبلي لها. وأكدت المصادر أن تصورات البعثة الأممية لا تزال تعرقل حل الأزمة حتى الآن، لأنها تصر على مواقف مسبقة عبر انحيازها لطرف على حساب آخر، وعدم الاعتراف بالأمر الواقع والدور الذي تقوم به المؤسسة العسكرية الليبية التي تعد الضامن الرئيسي للأمن والاستقرار في أي دولة.

 

وأكد رئيس مجموعة العمل الوطني الليبية خالد الترجمان، أن استئناف اجتماعات العسكريين في القاهرة وضم باقي العسكريين إليها، هو الحل الوحيد للأزمة، وضرورة الالتحاق بمؤسسة الجيش التي تتمركز في الشرق الليبي وتضم مقاتلين عسكريين وليس ميليشيات مسلحة.

 

واتهم الترجمان في تصريحات خاصة لـ”العرب” من بنغازي، قيادة البعثة الأممية بدعم التشظي والإشكالات التي تواجه الأطراف الليبية، سواء كانت أمنية أو عسكرية أو سياسية، عبر وضع صيغة تضمن شرعنة الميليشيات المسلحة في طرابلس.

 

وأوضح الترجمان أنه يؤخذ على غسان سلامة ورفاقه الترحيب بتعيين وزير اقتصاد في حكومة الوفاق مؤخرا، مع أنه متورط في عملية اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس وزير الداخلية الأسبق خلال أحداث ثورة 17 فبراير 2011، فضلا عن تقديم دعم أعمى لفايز السراج والميليشيات المسلحة وعرقلة عملية توحيد مؤسسة الجيش الوطني الليبي في القاهرة. ونفى مصدر مصري مسؤول لـ”العرب” ما نقلته وسائل إعلام ليبية محلية حول طرح القاهرة لمقترح جديد بشأن تشكيل مجلس عسكري، مشددا على تمسك مصر بدورها في توحيد المؤسسة العسكرية بشكل كامل دون تغيير في الصيغة التي تم الاتفاق عليها بين اللجان الفنية الليبية التي تولت وضع آلية لتوحيد الجيش الليبي.

 

وأشارت القيادة العامة للجيش الليبي في بيان لها، الأحد، إلى جاهزيتها الكاملة لتأمين أي عملية انتخابات في البلاد عبر حماية مراكز الاقتراع، وأن ذلك يأتي ضمن مسؤوليتها الوطنية والدستورية والقوانين واللوائح المنظمة لعمل المؤسسة العسكرية، لحماية المسار الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة في ليبيا.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية