تقرير| الوعي الوطني.. سلاح اليمنيين ضد الطائفية الحوثية
لم تَعُد الحرب في اليمن مقتصرة على المواجهة العسكرية مع مليشيا الحوثي الإرهابية ومن ورائها النظام الإيراني؛ بل تحولت إلى معركة ثنائية تجمع بين الجبهتين العسكرية والفكرية، حيث يتبلور تعزيز الوعي الوطني وتثبيت الهوية الجمعية كأداة رئيسية للتصدي لمشروع المليشيا الحوثية الإرهابية التدميري.
عكفت مليشيا الحوثي- منذ وقت مبكر- على تركيز جهودها لمحو الهوية الوطنية اليمنية، وفرض هوية طائفية تتعارض مع تقاليد المجتمع اليمني المتسامح وقيمه الراسخة وأعرافه المتجذرة، من خلال نشر أفكار عنصرية غريبة عن ثقافته، تهدف إلى تقويض وحدته وتفكيك نسيجه الاجتماعي لغاية طائفية صِرفة.
وفي هذا الإطار، شدد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي- قائد المقاومة الوطنية، طارق صالح، في لقائه الأخير مع خطباء وأئمة مساجد الساحل الغربي بمحافظتي الحديدة وتعز، على أن تعزيز الوعي الوطني يشكل دعامة أساسية في الحرب ضد مليشيا الحوثي الإرهابية، بأهمية لا تقل عن المواجهات العسكرية.
وأكد طارق صالح أهمية صون الهوية اليمنية من محاولات التشويه والتجريف التي ينفذها عملاء إيران، مشيرًا إلى دور رجال الدين؛ كونهم الأكثر قربًا من المجتمع والأقدر على توجيه وعيه نحو تعزيز ثقافة السلام والتسامح، وردع الانقسام والعنصرية، ومواجهة أفكار التطرف والغلو والطائفية التي تروج لها المليشيا الإرهابية.
منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في انقلاب 2014، كثفت مليشيا الحوثي مساعيها لتغيير نسيج المجتمع اليمني، حيث استهدفت، ولا تزال تستهدف الطلاب في المدارس والجامعات من خلال تغيير وتلغيم المناهج الدراسية وإقامة المحاضرات المنتظمة، ونظمت عشرات الآلاف من الدورات الثقافية في المؤسسات والأحياء السكنية، مع تركيز خاص على الأطفال لبناء جيل متطرف يبدأ تدجينه منذ نعومة أظافره.
ويدرك اليمنيون جميعًا أن هذه الجهود تهدف إلى تطييف المجتمع وتزييف وعيه، في محاولة لفرض رؤية المليشيا العقائدية التي يرفضها المجتمع اليمني برمته.
ويُجمِع ناشطون وخبراء أن الوعي الوطني هو أساس صمود المجتمعات؛ فكلما كانت مدركة لحقوقها ومصالحها، استطاعت الدفاع عنها بجسارة. وفي هذا الإطار، يبرز دور خطباء المساجد والوعاظ والمرشدين كقوة مؤثرة، إلى جانب الإعلاميين والكتاب والشخصيات الاجتماعية، في بناء وعي ثقافي ووطني متماسك.
ومع ذلك، لا تقتصر هذه المسؤولية على فئة محددة، بل تمتد لتشمل الجميع؛ إذ يُعَد الوعي الركيزة الأساسية لمواجهة الأفكار المدمرة، وأساس التقدم؛ كونه نظامًا متكاملًا من القيم يبدأ تشكيله في البيت، ثم المدرسة والمسجد، ليصبح الفرد مزودًا بوعي راسخ يصعب اختراقه بالأفكار الضالة، كما وصفها نائب رئيس مجلس القيادة.
ووفقًا لمراقبين، تدرك مليشيا الحوثي أن أفكارها العنصرية والمتعالية مرفوضة ضمن الوعي الجمعي لليمنيين، ما حدا بها إلى العمل على تهيئة بيئة ملائمة لنشر هذه المعتقدات الزائفة عبر تغيير الثقافة المجتمعية، حيث استثمرت موارد ضخمة واستخدمت كافة الوسائل المتاحة لهذا الغرض، ما يجعل المجتمع اليمني يواجه تحديًا متواصلًا للدفاع عن هويته الأصيلة.
وعلى الرغم من وعي المجتمع اليمني ويقظته تجاه المخاطر المحدقة به، ينبه المتخصصون إلى ضرورة عدم التراخي أو التساهل في مواجهة هذا التهديد، مشددين على أن تعزيز الوعي يستلزم جهودًا منظمة ومستدامة تشمل الإعلام ومؤثري وسائل التواصل الاجتماعي والصحفيين، فضلًا عن الوجهاء والشخصيات المجتمعية.
وبحسب هؤلاء، يظل الدفاع عن الهوية الجمعية واجبًا أخلاقيًا ووطنيًا يقع على عاتق الجميع للتصدي لمساعي الحوثيين المتواصلة الهادف إلى تغيير الطابع الثقافي والاجتماعي لليمن وإعادته إلى ماضيه السحيق الذي طواه في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م.