كان كل شيء مثيراً ومختلفاً، ومنذراً بالخطر، منذ اللحظة الأولى لقيام حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في الـ7 من أكتوبر 2023، وفي غفلة من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الشهيرة، بهجوم عسكري مُعد جيداً على المناطق الإسرائيلية المتاخمة لغزة، كانت حصيلته:
حوالي: 1200 قتيل من العسكريين والمستوطنين الإسرائيليين، وحوالي 250
أسيراً من الجنود والمدنيين الإسرائيليين، ومعهم عدد من السياح أجانب.
لم تكن حماس ولا الأطراف التي تقف خلفها، تقدر حجم التداعيات الكارثية الواسعة التي ستترتب عن هذه "الغزوة" التي أسموها "طوفان الأقصى"، فقد أصبحت بالفعل طوفاناً عارماً على غزة والمنطقة وصولاً إلى الأبعاد الدولية، في حدث تاريخي مفصلي لم تتضح بعد تداعياته وأبعاده النهائية على مختلف هذه المستويات.

ما قبل 7 أكتوبر ليس كما بعده. حقاً، فقد ترتب عنه إشعال حرب استمرت حتى اليوم 15 شهراً، كانت تكلفتها السياسية والعسكرية والإنسانية باهظة على غزة وعلى عموم المنطقة والعالم، بما فيه إسرائيل التي تضررت سمعتها الدولية، وأدين بعض قياداتها من قبل محكمة العدل الدولية، جراء جرائم الحرب التي ارتكبتها في غزة، كما تضرر اقتصادها بشكل ما، فضلاً عن مقتل المئات من جنودها.
في المقابل أثر "طوفان الأقصى" بشكل عميق وواسع وكارثي على كافة الأطراف والجهات الأخرى، وعلى مختلف المستويات. كالتالي:
أولاً: على الصعيد الفلسطيني في غزة:
غزة وأهل غزة هم من دفعوا الفاتورة الأغلى للحرب. وتضمن ذلك حسب تقارير الجهات المعنية، والمنظمات الأممية:
أ- الخسائر البشرية:
نحو: 46.000 قتيل.
نحو: 10 آلاف جثة تحت الأنقاض.
نحو: 100.000 . جريح
نحو: 2.000.000 من النازحين بعضهم نزح أكثر من مرة.
مع الأخذ بالاعتبار دراسات أكدت أن حصيلة القتلى في غزة أعلى بـ40% من أرقام وزارة الصحة بالقطاع.

ب- الخسائر المادية في المباني السكنية:
نحو: 70% على الأقل من المباني السكنية والمحلات التجارية في غزة سويت بالأرض بما يتضمن:
نحو: 170 ألف مبنى تدمرت كليا أو جزئيًا.
بما في ذلك 245,123 وحدة سكنية.

ج- البنية التحتية
طال الدمار المصانع والمدارس والمستشفيات ومحطات الطاقة والأراضي الزراعية والثروة الحيوانية في غزة. بما فيه:
تدمير أكثر من 136 مدرسة وجامعة، و200 منشأة حكومية و823 مسجداً وثلاث كنائس، كما تضررت المستشفيات، حيث لم تعد سوى 17 وحدة طبية من أصل 36 قيد العمل.
تضررت القطاعات الحيوية كالمياه والصرف الصحي والطاقة بشكل كبير، حيث تراجعت إمدادات المياه الصالحة للشرب إلى أقل من 25% من مستواها قبل الحرب، كما تأثرت 68% من شبكة الطرق.
تدهورت أكثر من نصف الأراضي الزراعية.
نفوق 95% من الماشية و50% من الأغنام.

د- تكلفة إعادة الإعمار التي تتطلب:
نحو: 80 مليار دولار، تكلفة إعادة إعمار غزة.
نحو: 700 مليون دولار لإزالة الأنقاض.
نحو: 18.5 مليار دولار، قيمة الأضرار في البنية التحتية.

هـ- التكلفة الزمنية لإعادة الإعمار:
نحو:  42 مليون طن من الأنقاض تتطلب 14 عاماً لإزالتها
عملية إعادة بناء المنازل قد تستمر حتى عام 2040 أو أكثر.

و- الخسائر السياسية والعسكرية.
لم تحقق حماس أياً من أهدافها المعلنة وغير المعلنة.
تدمرت حماس تماماً تقريباً عسكرياً وسياسياً وفقدت أهم قادتها.
سيتم على الأرجح إنهاء سلطتها في غزة.
أعادت إسرائيل احتلال غزة.
ستحتفظ إسرائيل بعد انسحابها بشريط حدودي واسع كمنطقة آمنة.

ثانياً على المستوى الإقليمي كالتالي:
أعلن قادة حماس في الـ7 من أكتوبر، عن عدة أهداف لطوفان الأقصى، تمثلت بإقامة دولة فلسطينية، وفك الحصار عن قطاع غزة بالكامل، وتبييض السجون الإسرائيلية بالكامل من المعتقلين الفلسطينيين، ومنع المستوطنين من تدنيس المسجد الأقصى..
لكن، لاحقاً، وطوال الحرب تبين من تصريحات قادة طهران ومليشياتها في المنطقة، وقادة حماس أنفسهم، وقادة الجماعة الدولية للإخوان.. أن لطوفان الأقصى أهدافاً أخرى لا تتعلق بقضية غزة والقضية الفلسطينية، بقدر ما تتعلق بمشاريع "محور الممانعة" بقيادة إيران، ويستهدف بالأساس، كسر محور "الاعتدال، وإسقاط أنظمة عربية على رأسها مصر والأردن وغيرهما فضلاً عن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية..
لكن ما حدث هو العكس تماماً، إذ وقع "محور الممانعة" في الحفرة التي حفرها لمحور الاعتدال، وفي المحصلة تم كسر ظهر محور الممانعة. من خلال:
تصفية قادة الصف الأول والثاني لحزب الله، وتحييد آلاف من أهم كوادره بحرب البيجر، وتدمير معظم بنيته العسكرية، وطرده من جنوب لبنان.
اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان.
قصف إيران نفسها.
تكبيل مليشيات إيران في العراق.
تغيير السلطة في لبنان وانحسار الوصاية الإيرانية فيها.
إسقاط نظام الوصاية الإيرانية في سوريا.

ثالثاً: على المستوى الدولي، وما يتعلق باليمن
تسببت القرصنة الحوثية بأزمة عالمية في الملاحة الدولية، وارتفاع أسعار النقل، وكبدت مصر خسائر كبيرة في عائدات قناة السويس.
ترتب عن هذه القرصنة أيضاً تحالفات دولية أمريكية أوروبية. جلبت أساطيلها العسكرية إلى البحر الأحمر. كما أدخلت إسرائيل في حرب مباشرة مع الجماعة الحوثية. تسببت بقصف مصالح يمنية في صنعاء وغيرها، ومخازن الوقود ومنشآت الكهرباء، والموانئ، وتدمير جزء مهم من البنية التحتية الهشة لليمن.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية