لم تكن أول جمعة من رجب عام 2011 يومًا عاديًا في تاريخ اليمن الحديث؛ ففي ذلك اليوم، شهدت الدولة اليمنية تحديًا جسيمًا ومحطة مفصلية، تجسدت بالعمل الإرهابي الغادر وغير المسبوق الذي استهدف جامع دار الرئاسة، وكاد أن يُدخل البلاد في نفق مظلم من الفوضى والعنف والاقتتال لولا حكمة رئيس الجمهورية آنذك، علي عبدالله صالح الذي قطع الطريق وقتها أمام دعاة الظلام والفُرقة.

بعد مرور قرابة عقد ونصف العقد على هذه اللحظة، تعود إلى الذهن اليمني تفاصيلها المؤلمة، فيتذكرون معها حكمة الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح الذي أخمد نارًا كانت توقد لإحراق البلد، عندما غلّب المصلحة الوطنية العليا وفوّت الفرصة على المتربصين واستطاع تخليص البلاد من مخطط كان يحاك لجرها إلى أتون فوضى لا نهاية لها، قبل أن تعود هذه الفوضى بعد أن استغل النظام الإيراني حالة الانقسام وضعف أجهزة الدولة بعد تسليم السلطة عام 2012، ليدفع مليشياته صوب العاصمة صنعاء.

في أول جمعة من شهر رجب، الذي يحمل رمزية دينية خاصة، استهدف الإرهاب رئيس الجمهورية، علي عبدالله صالح، وكبار المسؤولين في الدولة، في محاولة دنيئة لإحداث فراغ سياسي وأمني يُمكّن قوى الظلام من بسط نفوذها على مفاصل الدولة اليمنية وزعزعة الاستقرار وإشعال فتيل الفتنة وفتح الباب لإراقة الدماء.

في خضم تلك الظروف العصيبة، أظهرت القيادة الوطنية للدولة، وعلى رأسها الرئيس علي عبدالله صالح، حكمة بالغة في التعامل مع تداعيات الحادث، فبدلًا من الانجرار إلى ردود فعل متسرعة قد تُدخل البلاد في دوامة عنف لا نهاية لها، تم تغليب صوت العقل والحكمة، والتركيز على الحفاظ على الأمن العام ومنع مؤسسات الدولة- بما في ذلك الجيش والأمن- من الوقوع في فخ المؤامرة، رغم ما أصاب رمز الشرعية الدستورية وقتها، وكان جرحًا يشعر اليمنيون أنه غائر في أجسادهم جميعًا.

كان خطاب الرئيس الزعيم من على فراش الإصابة بمثابة صمام أمان، حيث دعا إلى التهدئة وضبط النفس، وحث الجيش على التحلي بالمسؤولية وعدم الانجرار إلى أي تصعيد غير محسوب، وهنا تجلت الحكمة التي عُرف بها الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح- رحمة الله عليه- بقصد تثبيت مؤسسات الدولة ومنع انهيارها وتجنب الانجرار في الطريق الذي كان يريد أعداء الأمة أن تنزلق البلاد فيه.

لم تتوقف التحديات التي واجهها اليمن عند حادثة تفجير جامع الرئاسة؛ ففي عام 2011، شهدت البلاد أزمة سياسية حادة، تعامل معها الرئيس صالح بروح المسؤولية، حيث جنح إلى الحوار والتوافق، وقاد عملية انتقال سلمي للسلطة، حفاظًا على الدولة وإيمانًا بحق الشعب اليمني في العيش بحرية وكرامة وفي دولة يسودها النظام والقانون.

لقد أخذت الفوضى حينها حيزًا واسعًا، وجدت فيه مليشيا الحوثي المناخ الملائم للتوسع في حالة عدم الاستقرار السياسي، فمضت تطبق مخططها بدعم من إيران؛ بينما كان اليمنيون منشغلين بالخلافات ولم يدركوا ذلك الخطر المتمدد في غفلة من الجميع، حتى جاء العام 2014، الذي شهد انقلاب المليشيا المشؤوم، كنتيجة لحالة الخلاف والانقسام السياسي التي تسربت عبر شقوقه ايران ومليشياتها فأسقطت اليمن في مستنقع الحرب والدمار.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية