بمناسبة يوم لغتنا العربية الجميلة الذي يُصادف الـ18 ديسمبر من كل عام، كان آخر برنامج زيارتنا لجمهورية الصين الشعبية مطلع هذا الشهر، ضمن وفد اليمن والخليج والعراق المشارك في الدورة الثالثة لمنتدى السياسيين الشباب العربي الصيني، هو زيارة قسم اللغة العربية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، ذلك الصرح العريق الذي تخرج منه آلاف المستشارين والدبلوماسيين وغيرهم.

كان ذلك اليوم استثنائيًا وجميلًا في برنامج الزيارة، حيث لم نعد بحاجة لمترجمين، فالجميع يتحدث اللغة العربية، والأهم هو الشغف الكبير بها وبتعلُّمِها، رغم تطرق البعض إلى مواجهة بعض الصعوبات بسبب كثرة مفرداتها ومترادفاتها وقواعدها النحوية، وبلاغتها، ومخارج حروفها، إلاّ أن إصرارهم على التعلم يجعلهم يتجاوزون كل الصعوبات.

شعرنا حينها بأننا في رحاب إحدى الجامعات العربية، وكما هي عادة الشعب الصيني العريق في استقبال ضيوفه، كان الاستقبال في رحاب قسم اللغة العربية حارًا، حيث كان في مقدمة المستقبلين، نائب رئيس الجامعة البروفيسور (ليو سينغ لو) وعميد الكلية البروفيسور (تشيويه تشينغ قوه)، والبروفيسورة الرائعة (يو مي)، وعدد من الأساتذة وطلاب الدراسات العليا وطلاب من البكالوريوس، بكل ترحاب وبطريقة جميلة للغاية، حيث ألقى نائب رئيس الجامعة وعميد الكلية والبروفيسورة (مي) كلمات ترحيبية بالوفد أكدت عمق العلاقات التي تربط الصين بالعالم العربي، وضرورة تطوير تلك العلاقات وتعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة.

كتب الطلاب في لوحات صغيرة، حِكمًا عربية لكل شخص في الوفد، وأقاموا حفلًا خاصًا بنا، قدَّم فيه عدد من الطلاب مقطوعاتٍ شعريةً باللغة العربية للشاعر العربي المعروف (أدونيس) وكانت قراءتهم للنصوص جميلة وسليمة، كما قدموا معزوفتين موسيقيتين (عربية وصينية)، وفقرة للخطّين العربي والصيني، وأخرى راقصة.

بعد ذلك فُتِح بابُ النقاش وتبادلنا أطراف الحديث حول اللغة العربية وجمالياتها، ولمسنا أشياء رائعة من بينها اندفاع المئات من الطلاب الصينيين لتعلمها، والحرص على الغوص في تاريخ الأمم والحضارات والثقافات المختلفة ومن بينها الحضارة العربية، والاهتمام الكبير من الحكومة الصينية الصديقة بتعليم اللغة العربية، كونها أداة الوصل الرئيسية بين الأمم، والوسيلة الأمثل لتبادل الثقافات، حيث تخرج من هذه الجامعة أكثر من أربعمائة سفير وثلاثة آلاف مستشار، بينهم أربعون سفيرًا في الوطن العربي، بحسب ما ذكره نائب رئيس الجامعة البروفيسور (ليو سينغ لو) وهذا يؤكد عمق العلاقات العربية الصينية، وحرص الأصدقاء على تعزيزها وتطويرها.

الجميل أن كل طالب صيني يختار له اسمًا عربيًا كي يسهل على الآخرين حفظه، ومعظم تلك الأسماء تحمل معنى الاسم المرادف لها باللغة الصينية أو المعنى القريب منه، ومنهم حمدي وبسام وهناء وجميلة وتاليا وحسام وعلي وغيرهم.

لم يقتصر تعلم اللغة العربية على جامعة بكين وحدها، فهناك ستون جامعة صينية تدرس اللغة العربية في مختلف أنحاء البلاد، ما يؤكد اهتمام الأصدقاء الصينيين بتعلُّم لغتنا الجميلة وفتح آفاق واسعة للتعاون في المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية