في تاريخ الأمم، تُسطر لحظات من النضال تسطع في ظلمات المحن، حيث ترتفع رايات العزة بفعل شجاعة رجال لا يهابون الموت ولا يستسلمون للظروف. وفي المشهد اليمني الحديث، تبقى ثورة 2 ديسمبر 2017 التي اندلعت على يد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ضد هيمنة مليشيا الحوثي لحظة فارقة. غير أن الامتداد الحقيقي لهذا الموقف الشجاع يتجلى اليوم في شخصية طارق محمد عبدالله صالح، الذي أخذ على عاتقه حمل راية الثورة والجمهورية، مؤكدًا أن اليمن لن ينكسر أمام مشاريع الهيمنة الإيرانية.

لقد مثّل طارق صالح تلاحمًا وطنيًا فريدًا، أعاد للصف الجمهوري حضوره في معادلة الصراع، جامعًا أطيافًا من الشعب اليمني حول هدف استعادة الوطن من قبضة المليشيات الحوثية برؤيته القيادية وعمله الدؤوب، بات طارق صالح رافدًا عسكريًا ومعنويًا للمعركة الوطنية، ما عزز وحدة الصف المقاوم، وأحيا الأمل في قلوب اليمنيين الذين أنهكتهم الحرب.

إنه جزء من قصة الصمود الوطني والمستمر؛ فقد سطّر الأبطال في تعز ومأرب وعدن والضالع ولحج ومختلف المحافظات التي أعلنت رفضها للحوثيين ملاحم بطولية أذهلت العالم. هؤلاء الذين وقفوا في وجه الجبروت الحوثي بصدور عارية وأسلحة متواضعة، وضعوا رؤوسهم على أكفهم ورفعوا راية المقاومة دفاعًا عن الجمهورية والهوية اليمنية؛ فدماؤهم التي سالت على تراب اليمن كانت الحارس الأمين لصرح الكرامة الوطنية، والقيم الجمهورية.

لقد وقف طارق صالح في صفوف المعركة الوطنية مستشعرًا أمانة المسؤولية الوطنية كقائد عسكري قادم من المؤسسة العسكرية، مؤمنًا بشرف المقاومة، فلم يكن حضوره مجرد إضافة عسكرية مهمة فقط؛ بل كان زادًا استمدت منه المقاومة معنوياتها، وساعدها في الصمود أمام التحديات الكبرى؛ فله دور في تغيير مجرى المعركة كقائد عسكري متمكن حققت معه المقاومة الوطنية انتصارات مذهلة في وقت وظرف استثنائي.

طارق صالح، الذي تربى في مدرسة النضال الجمهوري، لم يكتفِ بالوفاء لمبادئ ثورة ديسمبر؛ بل جسّدها في معارك ميدانية جعلت منه واحدًا من رموز الصمود في وجه الاحتلال الطائفي. إدراكه العميق لخطر الحوثيين على هُوية اليمن الوطنية وقيمه الجمهورية دفعه للوقوف في مقدمة الصفوف، ليس بكلمات تُلقى على المنابر؛ بل بأفعال تؤكد أن الكفاح هو السبيل الوحيد لاستعادة الكرامة الوطنية.

لقد كانت ثورة 2 ديسمبر صرخة الشعب في وجه الظلم والطغيان، لكن امتدادها الحقيقي يتجلى اليوم في معارك المقاومة الوطنية وقائدها، الذي يمثل استمرارًا لتلك الروح الثورية؛ فحين اختار المواجهة، كان يعلم أن الحرب ليست خيارًا سهلًا، لكنها الضرورة التي تفرضها معركة الهوية، مدركًا خطورة المشروع الحوثي الصفوي، الذي يعمل على تجريف قيم الثورة اليمنية، انطلق ليقاتل ليس دفاعًا عن لحظة في التاريخ، بل ليحمي مستقبلًا كاملًا من الفناء تحت عباءة التبعية المذهبية والمد الصفوي المدمر.

ما يميز طارق صالح أنه لم يكتفِ بالتشبث بمبادئ الثورة؛ بل عمل على تحويلها إلى نهج عملي يتبعه آلاف المقاتلين الذين يرون فيه القدوة. قيادته للمعركة ضد الحوثيين ليست مجرد معركة عسكرية؛ بل نضال ثقافي وحضاري لإحياء القيم الجمهورية في نفوس أجيال أنهكها الصراع المستمر.

ومثلما كان علي عبدالله صالح في لحظة ثورته نموذجًا للثبات، أصبح طارق صالح اليوم تجسيدًا حيًا للروح الجمهورية، يعمل على حشد الطاقات الوطنية لمواجهة هذا المد الظلامي. ففي خضم المؤامرات الدولية والتحديات الداخلية، يظهر طارق كصوتٍ وطني ثابت على مبادئه، يسعى إلى تحرير اليمن من براثن الهيمنة، رافضًا الخضوع أو الاستسلام.

إن معركة طارق صالح ليست مجرد امتداد لثورة ديسمبر فحسب، بل تمثل فصلًا جديدًا من نضال اليمنيين لاستعادة جمهوريتهم وكرامتهم. إنها تأكيد على أن الأوطان لا تُبنى إلا بصمود الرجال المخلصين، وأن الشجاعة الحقيقية ليست في التراجع أمام الموت؛ بل في الوقوف بثبات عندما تكون المبادئ في مهب الريح.

سيبقى طارق صالح، بما يحمله من إرث ثوري وروح قتالية، علامة مضيئة في تاريخ اليمن الحديث. فهو اليوم في ميادين القتال، امتدادًا حيًا لتلك اللحظة الخالدة التي صرخت فيها الجمهورية بوجه الظلام، مُثبتًا أن الثورة لا تموت طالما وُجد من يؤمن بها ويحمل رايتها بشجاعة مهما كان الثمن.

* مستشار محافظ تعز للشؤون الثقافية

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية