الساموراي الأخير:

حملوا على أكتافهم بنادقهم وعلى أذرعهم أكفانهم.

لم يكترثوا لموازين السلاح غير المتكافئة، مؤمنين بأن عدالة القضية التي يقاتلون من أجلها أقوى.

لم يعرضوا بلدهم للبيع في مزادات القوى الخارجية مقابل المساندة والدعم وكان بمقدورهم هذا، وفقط طالبوا بمساندة شعبهم.

2 من ديسمير، لم تكن فقط ثورة حق في وجه كهنوت ولص مارق وقاطع طريق، ولم تكن فقط رصاصة كلاشنكوف أمام قذيفة دبابة منهوبة من معسكرات الدولة؛ بل كانت درسًا أخلاقيًا عن كيفية تجاوز مصلحة الذات لمصلحة وطن وشعب، ودرسًا تاريخيًا لبطولة قادة وأفراد أمام فيالق عصابة، وأخيرًا درسًا قِيميًا لوفاء الرجال للرجال.

قلت للزعيم صالح: الحوثي يحشد ومقاتلوه يتوافدون بسلاح دولة منهوب، والخيانات شاخصة أبصارها لا يفترض بقاؤك في قلب المعركة. التفت إلي وقال بمزاحه المعتاد: يا خباني وما تشتي يقولوا الناس علي عبدالله صالح هرب؟!.. التفتُّ للأستاذ عارف الزوكا، الذي كان يقف إلى جانبه وقلت له: خلاص غادر أنت يا أستاذ عارف أضعف الإيمان يكون كل شخص منكم بمكان،  لم أكمل حديثي حتى رد علي بالقول: أنا والزعيم يا نجلس سوا يا نغادر سوا.

نحن لا نتحدث فقط عن ثورة قادها أبطال والتف حولها شعب، ربما كان ينقصها الكثير من عوامل النصر، لكنها بالتأكيد كانت تمتلك الكثير من الشجاعة والرجولة والتضحية والإيمان بعدالتها؛ بل نتحدث كذلك عن شرف الرجال وعن وفاء القائد لشعبه والصديق لصديقه، عن احترام العظماء لأنفسهم وتاريخهم ومكانتهم، عن "الساموراي الأخير" في تاريخ الحروب والمعارك، الذي اختار الموت واقفًا بساحة المعركة؛ احترامًا لتاريخه ومكانته وشرف اسمه، وتاركًا خلفه إرثًا من الشموخ ورجالًا تستكمل ثورته التي ضحى بحياته من أجلها.

لقد سقط الثلاثمائة مقاتل إسبارطي بين جبلي الترامبولي وانتصرت جحافل الفرس القادمة لغزوا اليونان، كانت ملحمة خلود تاريخية هُزم فيها الثلاثمائة مقاتل بخيانة الإسبرطي الأحدب، لكن دماءهم التي سالت وأجسادهم التي كانت تسقط الجسد فوق الآخر، وملحمتهم التي تم تداول صمودها وبسالتها في كل مناطق أثينا، لم تكن هزيمة بقدر ما كانت أيقونة نصر استمد منها الإسبرطيون قوتهم وكان النصر.

*رئيس فرع المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بمحافظة إب

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية