ما تزال ثورة الثاني من ديسمبر حيّة في قلوبنا ووهجها متأججاً في نفس كل يمني حر غيور، ثورة بدأها الرئيس الأسبق الشهيد علي عبدالله صالح ورفاقه الشجعان في صنعاء تركت له بصمة عظيمة في آخر حياته. تعتبر هذه الثورة بحق ثورة وطن على مخلفات الإمامة الحوثية الرجعية، بل وتذكّر اليمنيين باستحالة التعايش مع الحوثي.

عن نفسي لن أنسى تلكم الفرحة العارمة التي انتابت أبناء صنعاء وكل المحافظات مع صباح ذلك اليوم بقرب زوال الحوثي، ولن أنسى اختفاء واختباء تلك المليشيات من كل الشوارع والأماكن في صنعاء وذمار وحجة والمحويت وغيرها، لقد انذلوا وانكشف للناس مدى جبنهم وحقارتهم عند صحوة الشعب من سباته، فهم ليسوا إلا خفافيش ظلام وجرذان كهوف، وما أصدق الزبيري حين قال: 
إنّ اللّصوص وإنْ كانوا جَبَابِرة
لهُم قلوبٌ مِنَ الأطفَالِ تَنهَزِموا
والشّعبُ لوكان حياً ما استخفَّ بِهِ
فردٌ، ولا عاث فيِه الظَالِمُ النَهِمُ  
كما ونؤمن بأن الصبح سيشرق على وطننا بالقريب العاجل وسيغشى ويمزق ظلامهم وظلماتهم:
‏إِنّ الخيول وإن تراها أُرهِقَت 
سَيثورُ منها من يكون أَصِيلا
ولن ننسى الوصايا العشر التي أوردها الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح: "دافعوا عن الحرية والجمهورية- لا تقبلوا الأوامر الحوثية ـ تمسكوا بالمؤسسة العسكرية ـ انتفضوا للثورة والوحدة ـ حافظوا على الأمن والاستقرار ـ اختاروا قيادة جديدةـ استمروا في الصمود ـ التصافح والتسامح ـ السلطة ملك الشعب ـ لا ترضخوا للتعسف الحوثي".
وكأن لسان حاله آنذاك وهو يخاطب قاتليه كما قال الشاعر والفقيه شهاب الدين: 
ملكنا فكان العفو منا سجية
فلما ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتم قتل الأسارى وطالما
غدونا عن الأسرى نعف ونصفح
فحسبكم هذا التفاوت بيننا
وكل إناء بالذي فيه ينضح
ولهذا ترك لنا الزعيم الشهيد وصية ثمينة ينبغي أن تكتب بماء الذهب وتعلق كدستور عام للشعب اليمني، فهي رؤيا واضحة للمستقبل المنشود، وأوصانا جميعاً بتنفيذها حرفياً، وأصبح من الواجب علينا جميعاً أن نوحد صفنا والهدف وننفذ وصيته، لأنها ــ بعون الله ــ هي المخرج لما نحن فيه، وأمانة في أعناقنا إلى يوم الدين، وسيبقى الزعيم هو ورفاقه في قلوبنا أعزاء وشهداء كراماً وأبطالاً عظاماً دافعوا عن الأرض والعرض والكرامة ورفضوا الانسحاب والهروب وقرروا المواجهة فارتقت أرواحهم وهم مقبلون غير مدبرين.

نتج عن استشهادهم وجود قوات حراس الجمهورية إلى جانب إخوانهم في الجيش الوطني وقوات اليمن السعيد ودرع الوطن وألوية العمالقة وحتى اليوم تعمل من أجل استعادة الوطن والنظام الجمهوري.

أثبت فيها الكهنوت أنه لا يؤمن بالشراكة، وليس له عهد ولا ذمة، وأن قراره ليس بيده، بل ينفذ أجندة إيرانية تابعة لولاية الفقيه، وأجندة طائفية مذهبية سلالية عنصرية رجعية كهنوتية تريد أن تعيدنا عقوداً للوراء ولعهد الظلم والجهل والتخلف والفقر والمرض، لعهد الإمامة وحكم الفرد المستبد.

وأخيرًا: أبعث رسالة لأولئك الذين اختلفوا مع الزعيم ــ رحمه الله ـــ قبل الكارثة الحوثية، أو بعد اجتياح صنعاء، فإنهم لم يختلفوا معه إلا في إطار الفعل السياسي، لكنهم يُجمِعون على وطنية الشهيد، واعتزازه باليمن، وقدرته على احتواء الجميع واحترامهم، وهو -في لحظة استشهاده- قدّم آخر الدروس للجميع في معنى الموت من أجل الدين والوطن، والتضحية بالروح في سبيل الكرامة.

كما أثبت لنا أن مواجهة ميليشيا الحوثي وهزيمتها فقط إنما تحتاج إلى وحدة الصف ودعم الجيش بالسلاح النوعي حتى أيقن الجميع بأن وحدة الصف الجمهوري واجبة شرعية وضرورة وطنية.

وأن استعادة الدولة ومؤسساتها تتزامن مع وحدة الصف والهدف؛ فهما أقوى سلاح للقضاء على المشروع المليشياوي وهزيمته عسكريًا ومعنويًا.

وبالأخير كل الشكر والتقدير والعرفان والامتنان لقيادة الوطن السياسية الشرعية سابقاً ولاحقاً، وللأشقاء في التحالف العربي لاستعادة الشرعية بقيادة  المملكة العربية السعودية على ما تم إنجازه حتى الآن، مع المناشدة للحفاظ عليه ورعايته واستكماله ليبلغ أشده ويحقق أهدافه كاملة، وإن غداً لناظره قريب.

*من صفحة الكاتب في الفيس بوك

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية