بقدر ما كان ارتقاء الزعيم علي عبدالله صالح شهيدًا في ميدان معركة الثاني من ديسمبر خسارةً جسيمةً للوطن واليمنيين، إلا أنه لم يكن مفاجئًا أن يستشهد في معركة كهذه، وهو الذي تحدث مرارًا عن تطلعه إلى الشهادة والموت في سبيل الوطن حتى حقق غايته هذه في واحدة من أكثر المحطات الوطنية فِداءً وتضحية من أجل اليمن ومكتسبات الثورة والجمهورية.

منذ تقلده سدة الحكم- وحتى قبل ذلك- كان الزعيم الشهيد مناضلًا وطنيًا جسورًا وصلبًا، عاش محطات عدة في مسيرة النضال الوطني، وواجه التحديات العاصفة بجدارة، بحكمة السياسي المحنك الذي هندس قواعد الديمقراطية والتعددية السياسية في البلاد على النحو الذي حشد اليمنيين بمختلف أطيافهم ومكوناتهم ليلتقوا عند القواسم المشتركة التي لا يختلف فيها اثنان (الجمهورية)، حتى طرأت العصابة السلالية الكهنوتية كمشروع يتهدد المكاسب التي تحققت لليمنيين منذ 26 من سبتمبر.

جاءت ثورة الثاني من ديسمبر، ليرسم الزعيم الشهيد الملمح الساطع للتضحية الحقيقية، فعلى الرغم من جسامة المؤامرة الإيرانية التي كانت تتربص باليمنيين الأوفياء ممن لا زالوا في صنعاء، وفي مقدمتهم الزعيم الشهيد، اختار الأخير البقاء والصمود في وجه كل التحديات منتظرًا اليوم الذي يمتطي فيه قمة المجد شهيدًا مجيدًا في محراب الوطن، هنالك وهب دمه الغالي فداءً لوطنه الذي انتمى إليه.


وباعتباره قائدًا للثورة، كان الطبيعي أن يدير الزعيم الشهيد المواجهة مع أدعياء الوصاية من غرفة عمليات آمنة وفي ظروف مواتية للخروج والمغادرة إذا تغيرت موازين المعادلة على الأرض؛ لكنه أبى إلا أن يكون في أول الصف حاملًا بندقيته وثابتًا على مبادئه التي تشربها من رحم الجمهورية.

استشهاد الزعيم علي عبدالله صالح في مقدمة المقاتلين يوم الرابع من ديسمبر، هو أبلغ تفسير للشجاعة التي تمتع بها طيلة حياته، فلم يسمح لكبر سنه أن يقعده عن واجبه، بل تأبط بندقيته وقاد المنتفضين في الميدان، ولم يلجأ إلى "كهف" لإطلاق الدعوات وتلاوة الخطابات الفضفاضة، إنما اتجه فورًا بعد دعوته الشهيرة "انتفضوا" إلى مسرح المواجهة وقاتل قتال الشجعان حتى ارتقى شهيدًا، مُتوِّجًا حياته الزاخرة بالتحولات والنضال الوطني بالشكل الذي يليق ببطل جسور وهب حياته كلها لوطنه.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية