منذ اللحظة الأولى لتشكُّل صداقتهما، نسج الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح ورفيق دربه الأمين، الشهيد عارف عوض الزوكا خيوطًا متينة من الوفاء والإخلاص، في مسيرتهما المشتركة التي شهدت مواقف وطنية ثابتة، تُوِّجت بتضحية عظيمة حينما اختلطت دماؤهما الزكية في مواجهة مباشرة مع المشروع الإيراني، في قلب العاصمة المختطفة صنعاء.

كان الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح يتمتع بنظرة ثاقبة في اختيار رفاق دربه، وفي عارف الزوكا دلّته قناعته الراسخة إلى الصديق الوفي والرفيق النبيل، وقد كانت علاقتهما مثالًا للوفاء والإخلاص، فلم يتردد الزوكا لحظة في الوقوف إلى جانب قائده في أصعب الظروف، حيث تجسد هذا الوفاء بوضوح خلال ثورة الثاني من ديسمبر، عندما اختار الزعيم والأمين أن يقفا في مترس واحد، وفاضت روحاهما معًا في الرابع من ديسمبر بعد أن سطرا بأسلحتهما الشخصية ملحمة بطولية دفاعًا عن بلادهما ومبادئهما.

لقد كان الزوكا رفيق درب للزعيم مثلما كان الأخير للأول، وكان الثنائي توأمًا وطنيًا أنجبته البلاد ليفتديها بأغلى ما يملك، ومعًا جسّدا القيم المُثلى لأمانة الصُحبة؛ فخلال الأنشطة التنظيمية والفعاليات السياسية للمؤتمر الشعبي العام، كان الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح حريصًا على أن يجعل إلى جواره ابن شبوة المناضل الشهيد عارف الزوكا، وفي ذلك دلالات كثيرة كانت تفسر المكانة والحظوة المستحقة التي يتمتع بها الزوكا لدى الزعيم.

قُبيل اندلاع ثورة الثاني من ديسمبر -وهذه كانت محطة الاختبار الأصعب لرفقة الزعيم والأمين- برزت إرهاصات كانت تدل على دنو هذا الحدث الوطني وقرب أوانه، وكان بوسع الشهيد الزوكا الذي كان مقربًا بشدة من الزعيم الشهيد أن يترك الساحة ويغادر إلى مكان آمن، إلا أن قيم الوفاء المتجذرة فيه جعلته متمسكًا بموقفه الثابت في البقاء إلى جانب الزعيم لخوض هذه المعركة معًا مهما كانت الكُلفة والتحديات أمامهما، وليس هناك شجاعة أكبر من أن ترفع سلاحك في معركة غير متكافئة.

استشهد الزعيم والأمين، وبقيت سيرتهما كصديقين اختارا أن يكونا إلى جوار بعضهما في لحظات اليسر والشدة، تاركَين وراءهما للأجيال القادمة إرثًا من الوفاء والتضحية سيتذكره اليمنيون باعتزاز كدرسٍ كامل المعاني جسده ثنائي وطني عُرف بالالتزام الثابت بالمبادئ والأهداف والقيم الجمهورية والرفض القاطع لكل أشكال العنصرية والمناطقية وادعاء الحق الإلهي التي يسوّقها المشروع الإيراني.

ثورة الثاني من ديسمبر زاخرة بالدروس التي تجسدت على أرض الواقع، وقدمت نماذج ساطعة في الميدان لرجال قاتلوا بأسلحتهم الشخصية حتى الرمق الأخير، منهم من ودع الحياة شهيدًا مع كوكبة من المُخلصين لوطنهم ومبادئهم، ومنهم من وهبهم القدر حياة أخرى ليحملوا الوصايا ويواصلوا المعركة التي بدأت في صنعاء يوم الثاني من ديسمبر 2017م، واستمرت لتعود من جديد من الساحل الغربي مقاومة وطنية بقيادة أحد أبرز رجالات الثورة طارق صالح الذي حدد البوصلة جيدا وخط مسار طلقات الثورة صوب رأس الحوثي ولا غير الحوثي حتى تحقيق النصر المؤزر وانهاء الانقلاب الحوثي المدعوم من النظام الإيراني.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية