السؤال المتداول أمام المجتمع الدولي، المهتم بالحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران على الأراضي اللبنانية: هل لبنان دولة مستقلة؟ وبصيغة أدق: لماذا لبنان بدون رئيس؟! ولماذا حكومتها (حكومة تصريف أعمال) لا تتجاوز مهمتها مهمة ساعي البريد بين المجتمع الدولي وحزب الله الإيراني في لبنان؟!

والتساؤلات بخصوص لبنان لا تقف عند حد: من الحاكم الفعلي في بيروت، هل كان بالفعل حسن نصر الله أم نائب قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بمحور لبنان فليروشان، الذي قُتل معه؟ وإن كانت الإجابة على هكذا تساؤل غير ذات قيمة اليوم، بعد إبلاغ إيران- على لسان رئيس برلمانها- فرنسا استعدادها للتفاوض بشأن لبنان.

رئيس البرلمان الإيراني كان يعي ما يقول، فهو يتحدث من واقع الوصاية الكاملة لبلاده على لبنان، وهكذا هي حال العلاقة بين طهران وأدواتها المزروعة في الجسد العربي مثل: مليشيا الحوثي في اليمن والحشد الشعبي في العراق والمليشيا المماثلة في سوريا.. القائمة على التبعية المطلقة، وقد كان حسن نصر الله يمتلك من الشجاعة ما لا يمتلكه عبدالملك الحوثي؛ حيث كان يعلنها صراحة في غير مناسبة بأن "أموالنا وأسلحتنا ورواتبنا وأكلنا وشربنا من إيران".

منذ اللحظة الأولى لإنشاء إيران مليشياتها في لبنان تحت مسمى "حزب الله"، كانت أولويات نصر الله- كما هي أولويات عبدالملك الحوثي في اليمن- إعاقة بناء الدولة وتدمير مؤسساتها والعمل على إضعاف الجيش اللبناني، وقد تحقق لنصر الله الكثير والكثير وصولًا إلى بناء دولة داخل الدولة، دون أن يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل ذبح الدولة اللبنانية ليكون هو الدولة ولكن مع عدم القيام بوظائفها تجاه الشعب.

ولتحقيق ذلك، صاغ نصر الله ما أسماها معادلة (الجيش والشعب والمقاومة)، وهو ما يعني فرض سلطة الأمر الواقع، وبقي يتمتع بالسلطة ولكن بدون واجبات، وهذه هي المعادلة التي تقوم عليها مليشيات إيران أينما وجِدت في الجسد العربي، ونحن في اليمن أكثر الشعوب العربية إدراكًا لحجم الكارثة في لبنان؛ لأننا نعيشها بأسوأ صورها في عاصمتنا المختطفة صنعاء مع أقذر أدوات إيران في المنطقة.

وعودة إلى بيروت، الدولة اللبنانية وئدت يوم اغتيل رئيس الحكومة رفيق الحريري، عام 2005، بجريمة إرهابية إيرانية استهدفت نسف كل الجهود العروبية للنهوض بلبنان الدولة ذات السيادة.

من ذلك اليوم المشؤوم، بلغت الوصاية الإيرانية على لبنان حدًا دفع سياسيين لبنانيين إلى الحديث، ولو من باب السخرية، عن حاجة لبنان إلى حل الدولتين؛ دولة جنوب لبنان لحزب الله وعاصمتها الضاحية، ودولة شمال لبنان وعاصمتها بيروت لبقية الشعب اللبناني.

*رئيس تحرير وكالة "2 ديسمبر الإخبارية"- مدير الإعلام العسكري للمقاومة الوطنية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية