زاوية القادة
كتب العميد حسين عزيز، ليلة أمس، تغريدة أحزنتني، وبذات القدر منحتني طاقة كبيرة.
جس العميد حسين زاوية مهمة، زاوية القادة، وأي قائد، وإن كان تحدث تصريحاً عن العميد طارق فهذه زاوية يجب الحديث عنها باسم الجميع، وللجميع، عن دورنا في إسناد قادة المواقيت الصعبة، ومنهم وأولهم القائد طارق، فأنت كفرد تعجز عن احتمال همومك، والقيام بأمر نفسك وعائلتك، وتصاب بالحمى لو عشت ليلة حامية، وأنت أمام أشياء عدة، فما بالك بقائد يقوم بأمر جيش، وجيوش، بلاد وناس، مجتمع وجبهات، كل المدن، والبلاد.
في المعارك الكبيرة الفرد يجب أن يفكر بدقة، وأنت تبحث عن إسناد، عن معين، وأنت واحد من مئات الآلاف، عش ولو للحظة بدور القائد، والكل يبحث منك ويقصدك، ويريد كل شيء منك.
عش لساعة فقط، وتماهَ مع دورك جيداً، لتعرف أن كل قائد هو بحاجة لمن يسنده، فقوته قوة الجميع، وضعفه ضعف الجميع، فيما قوتك كفرد لك وضعفك عليك، والقائد يفكر بوجهة نظر الجميع، يخالف تفكيره تفكيرك، لا تطلب منه أن يعيش دورك، لا يجوز، وما تراه أنت خطأً هو عكس ذلك، فالخطأ من وجهة نظرك صواب.
القادة الكبار لا يشعرونك بما يحتاجونه من سند، هم أكثر الناس حاجة لمن يخوض معهم الصعاب، من يتخلى عن أشيائه لأجل غاية مثلى، بحاجة لمن يقدم القضية على نفسه، والكل على ذاته، وطلباته.
أنت تريد، غيرك يريد، يريد الآخر، باليوم مائة إرادة بل ألف وأكثر، عشرة آلاف طلب من عشرة آلاف شخص، وإذا نفذ كل قائد مطالب كل هؤلاء فقد خالف الفطرة والمنطق، وإذا رفض كل قائد، بعض هؤلاء، وهو ليس رفضاً، حنق البعض، فما العمل برأيكم؟
طالما لديك قائد تؤمن به، فلك أن تمنحه بعض طاقتك، ولا يجب استنفاد طاقته للكل، والفارق بين القائد والفرد هو قدرته على استيعاب كل شيء، جسارة وبال وتفكير وعقل، وسعة صدر، ولكن لكل شيء احتمال، لا يجب أن نستغل أي قائد وننهي أنفاسه.
تمثلوا سير الكبار، كل فرد عليه الفداء، نصرك يتخلق بمدى صلابة موقفك، وأنت في عمق التضحية لا تبحث عن أحلامك، لا حلم يتحقق ونحن لم نخض معركة الخلاص، حلمي وحلمك، وكل فرد هو قائد، إذا عاش معركته جيداً، ولا تمن على قضيتك بموقفك، إياك.
الأشياء الكبيرة لا تقوم على فرد، كل فرد يظن نفسه أنه صاحب الإنجاز، وغيابه انتهاء لكل شيء، وهذه نظرة قاصرة، وجود فرد وعدمه لا يشكل أي فارق، لكن وجود الجميع مع قائد كبير هو الفارق الكبير، وأنت لولا المجموع لما استطعت أن تقدم أي شيء، الجميع تضحية واحدة، وهذا التفكير اللامنطقي سبب إنهاء بعض الناس حول العالم لحياتهم، بعضهم بلحظة حزن وغضب ينهي حياته ليس هرباً من واقعه بل عقاباً للعالم، يظن أن الحياة بعده ستتوقف وأن الأهل والقربى ومن يحب سيلحقون به، إذا ما غادر بتلك الطريقة، ولو يعلم أنه يُنسى وهناك من يحل محله بعد ثلاث ليال لتوقف عن المغامرة المميتة، وهكذا من يرى نفسه ارتكاز القضية.
القضية بي وبدوني، وجودي ووجودك لا يشكل أي فارق، كأفراد لا نشكل أي فارق، بل الجهد الكامل المتكامل هو الفارق، والقائد الكبير هو الفارق، وأن أفكر وتفكر بوجهة نظر القائد هو الفارق، وأن أؤمن وتؤمن بخطوات ومسارات القائد هو الفارق، وأن لا تعيش لحظات المقارنة كتاجر بخيل هو الفارق، وأن تسند قائدك بروحك، ألف روح.
لك ومعك أيها القائد، لأجلي وأجلك، وأجل كل الناس، وقوفنا معك لأجل أنفسنا، أولاً وثانياً وثالثاً، ولا أحد يتاجر بوقوفه مع نفسه، ونحن نعرف كم تقاسي، وكم تحتمل، وهذه أقدار القادة الكبار، لو أن كل فرد يستطيع أن يحتمل كل هذه الأحوال لفسدت الدنيا، وهكذا تمايز الناس، وكان القادة عبر التاريخ، هم أقوى وأصلد وأوسع، هم أفسح.
*من صفحة الكاتب في الفيس بوك