هل باعت إيران ذراعها في لبنان؟
خلال الفترة الماضية، تعرّض حزب الله -ذراع إيران - في لبنان لضربات عديدة مؤلمة، بدأت بهجوم "البيجر" واللاسلكي، ثم استهداف أرفع قياداته حتى الضربة الكبرى التي تمثلت أمس باغتيال أمينه العام، حسن نصرالله.
وبتلك الفترة، انتشرت أخبار تفيد بعتب أعرب عنه عناصر الحزب خلال محادثات مع مسؤولي الحرس الثوري الإيراني بشأن عدم تدخل طهران لدعم حليفها اللبناني.
لكن هذا العتب لم يتوقف، بل تحول اليوم إلى اتهامات بعد اغتيال نصرالله.
إذ شهدت وسائل التواصل الاجتماعي السبت حالة غضب كبيرة، حيث اتهمت حساباتٌ إيرانَ بالتخلي عن حليفها الأهم والأبرز عبر تزويد إسرائيل بمكانه.
أتى هذا بعد أيام قليلة من كشف تقرير أميركي أن حزب الله كان حثّ في الأسابيع الأخيرة، إيران على شن هجوم ضد إسرائيل، لكنها لم توافق، بحسب ما ذكره موقع "أكسيوس".
وذكر التقرير حينها أن مسؤولين إيرانيين أبلغوا نظراءهم في حزب الله أن التوقيت ليس مناسبا لشن هجوم على إسرائيل لأن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان موجود في نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وحتى الآن لم تخرج المواقف الإيرانية التي شجبت اغتيال أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، الذي يعتبر أقوى أدواتها المسلحة في المنطقة، و"درة تاجها"، كما يقال عن المألوف.
فمن المرشد الإيراني علي خامنئي، إلى رئيس البلاد مسعود بزشكيان بقيت التصريحات، اليوم السبت، بعيد تأكيد حزب الله اغتيال زعيمه، تحت سقف الاستنكار، والتأكيد على أن "المقاومة مستمرة ولن تسقط رايتها".
إلا أن مسؤولين أميركيين كانوا أوضحوا أن واشنطن تعتقد أن إيران قد تتدخل في الصراع ضد إسرائيل إذا رأت أنها على وشك خسارة حزب الله، الذي كان يعد أحد أقوى الأحزاب تسليحا حول العالم.
كما لفتوا إلى وجود العديد من المؤشرات التي تدل على قلق طهران من الضرر الذي لحق بحزب الله، حسب ما نقلت شبكة "سي إن إن".
إلى ذلك، رأوا أن إسقاط إسرائيل عشرات القنابل الثقيلة الخارقة للتحصينات على مقر قيادة الحزب بحارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، أمس الجمعة، شكل إشارة واضحة إلى أن تل أبيب مستعدة للغوص في إشعال أو المخاطرة في الدخول في حرب أوسع.
نقطة تحول في الحرب
هذا وكان العديد من المراقبين رأوا في وقت سابق أيضا أن اغتيال نصر الله نقطة تحول في الحرب، وإسقاط لكل الخطوط الحمراء. لا سيما بعدما تلقى الحزب ضربات عدة "مؤلمة وقاسية" بدأت بتفجير آلاف أجهزة البيجر والووكي توكي قبل نحو أسبوعين، تلتها عمليات اغتيال في الضاحية الجنوبية التي تعتبر معقله الحصين، كان أبرزها مقتل إبراهيم عقيل، قائد وحدة الرضوان، بغارة إسرائيلية مع 16 عنصرا آخرين.
وفيما توعد حزب الله برد حاسم، أتته ضربة لم يكن يتوقعها، بعد سنوات من جمع المعلومات الاستخباراتية عن نصرالله من الشاباك والموساد.
بينما أكد خامنئي أن لبنان وما يسمى بـ "محور المقاومة سيدفّع إسرائيل ثمن أفعالها".
في المقابل، رأى مراقبون أن طهران لم ترد بشكل حاسم على اغتيال قائد فليق القدس قاسم سليماني يوم الثالث من يناير 2020، وبالتالي قد لا تفعل أيضا الآن.
في حين اعتبر آخرون أن الظروف تغيرت، وبالتالي باتت إيران في موقف محرج، لا سيما أنها لم "تثأر" كما توعدت مرارا وتكرارا لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران يوم 31 يوليو الفائت.