صلاح الأصبحي يكتب لـ"2 ديسمبر": مناسباتك الطائفية لا تخلق وطناً يا حوثي بل 26 سبتمبر
الوطن يسبق الإيمان، والثورة التي صنعت وطناً أولى من المولد النبوي الذي يستغله الحوثي مادياً لجني الجبايات، وسياسياً لإلغاء 26 سبتمبر المقوضة للجذر الإمامي المتذرع بالدين والانتماء له سلالياً.
تتأهب قبيل حلول ذكرى المولد كأنه موسم حصاد، تختلس باسمه أموالاً خيالية وجبايات إجبارية كشرط لتأكيد تعلق اليمنيين بنبيهم وإثبات ولائهم، كأنما صلتهم به برزت على يدك؛ حتى غدت هذه الذكرى كابوساً يؤرق مضاجع الناس ويستلب أقواتهم.
أيبيح لك محمد (ص) ودينه العظيم، وأنت تدعي انتماءك لسلالته، أن ترغم اليمنيين على إحياء مولده وهم عرايا بعد أن أنزلت بهم شتى البلايا بلا وطن ولا كرامة، ستجعلهم أفعالك وأساليب نهبكَ ينفرون منه وقد ارتبطت عظمته بقبحك، وعدل دينه بجبروتك، ومناداته بالمساواة بعنصريتك يا حوثي.
جاءت 26 سبتمبر لتعيد الكرامة المستلبة إمامياً، وتبني وطناً جمهورياً لا تطؤه سلالة قذرة استعبدته باسم الدين، وطناً ينعمون فيه بالحرية والأمان، ولذا؛ فاليمنيون يدينون بالفضل والولاء والانتماء لذكرى ميلاد وجودهم وتحقق أحلامهم واستعادة هويتهم؛ أما نبيهم فعلاقتهم به لم تنقطع لأربعة عشر قرناً، عرفوه بالهداية وأجلّوه بالفطرة، لتأتي أنت من كهف مران تلقنهم درساً في حب الرسول وطاعة أحفاده اللصوص أمثالك؟!
ولأن 26 سبتمبر اقتلعت حكم سلفك الدجال وداست المشروع الكهنوتي، الذي أردتَ استئنافه بعد مضي خمسة عقود على سطوع نورها وشمس حريتها، خرجت مسعوراً قبل عقد لتنتزع من اليمنيين أقدس قدسياتهم وتبقر الرَّحِم التي أنجبتهم أحراراً، محاولاً انتشال جيناته وملامح إشراقاته، تطاردهم- قبل حلول الذكرى الثانية والستين لمجدهم الخالد ويومهم المعظم- في الأزقة والشوارع، وتكبح جماح حماسهم، وتقمع من يصدح بهذه الذكرى، وتحذر الخياطين من حياكة الأعلام الجمهورية في هذا الشهر، وتعتقل العشرات وتطلق العنان لكلابك أن تنهش كل يمني سبتمبري.
أمخبول أنت؟! أتتوهم أن قمعك سيبتلع خمسة عقود جمهورية، وبطشك سيطمس تاريخاً وهوية، وسلالتك ستتغلب على جماهير وطنية وأجيال سبتمبرية تعشق الدستور والحرية وتنبذ العنصرية والطائفية؟!
تحشد الشعب للاحتفاء بالمولد ليس لأنه نبي الأمة ورسول الرحمة؛ بل لأنك تعتبره جدكَ، زاعماً أنه ورث لك الاصطفاء، واختزل سلطة الحكم والجاه والمال في سلالتك، فأنت تستعيد مجداً مؤثلاً ووهماً بائداً وزيفاً متجذراً تناسل جينياً على مدى قرون في دهاليز وعيك وأقبية اعتقادك وأصقاع روحك البائسة كفيروس خبيث مندس في فصيلة دم سلالتك المعتوهة.
26 سبتمبر وطن اليمنيين ومنبع وجودهم ونقطة البداية والنهاية في تاريخهم، ولا أظنك تدرك معنى هذا اللفظ أو تحس بقيمته؛ لأنكَ لم تجرب هذا الإحساس، فالوطن عندك الوهم، والوجود هو السراب، والحياة هي الخرافة، تنتمي لفكرة بلهاء وتقبع وسط بؤس دائم، أما اليمنيون فولاؤهم للأرض وأمجاد أجدادهم الذين خلصوهم من شقاء ودنس الإماميين البؤساء منذ يحيى الرسي وحتى أحمد يا جناه.
سيظل 26 سبتمبر هو الوطن المضيء، والجمهورية المشرقة، والصبح البهيج الذي يقتلك أيها الظِّل، فأين يمكنكَ الاختباء من الضوء. مهما تداريت بالمولد وبعثت ثقافة التشيع وعظمت رموز التسلسل السلالي واحتميت بانتمائك للفضيلة فإنك باهت متورد لا دين لك ولا وطن.