كانت مشاهد النيران وهي تلتهم ميناء الحديدة جراء العدوان الإسرائيلي على اليمن، صادمة لكل اليمنيين، وأيقظت في ذاكرتهم مشاهد مماثلة عاشتها البلاد قبل نحو عقد، عندما استهدفت إيران عبر وكيلها المحلي مليشيا الحوثي الإرهابية ميناء الزيت في مدينة البريقة بمحافظة عدن في يونيو 2015م.


تتشابه السيناريوهات إلى حد التطابق بين الهجومين الإرهابيين، عدا أن الاحتلال الإسرائيلي الغاشم استخدم طيرانه الحربي في مهاجمة ميناء الحديدة، بينما وظفت إيران ذراعها مليشيا الحوثي للقيام بالمهمة؛ لكن العنصر المشترك أن كلا المشروعين، الفارسي والصهيوني، كانت لهما نية عن سبق إصرار وترصد في تدمير مقدرات الشعب اليمني.


وإذا كان العدو الصهيوني بهذه الغشامة والسوء، فإن إيران لا تختلف عنه قيد أنملة، فالأول قصف منشآت مدنية هي ملك لليمنيين، وأراق دماء الأبرياء؛ ونفس الأمر فعلته إيران وما تزال منذ عشر سنوات، وهي تقتل وتحاصر اليمنيين، حيث ورغم الخلاف بين المشروعين من ناحية الأهداف والأجندة، إلا أنهما يتقاطعان عند نقطة تعمد الإضرار باليمن والمساس بسيادتها وقتل شعبها وتدمير مقدراتها.


وكان هذا السيناريو المؤلم في التدمير للشعب اليمني، حاضرًا قبل عامين لولا أن الأقدار جاءت بعكس ما تشتهي طهران وأدواتها، حينما هاجمت عبر أداتها مليشيا الحوثي الإرهابية مينائي الضبة والنشيمة في حضرموت وشبوة بالطائرات المسيرة، بغرض تدمير هاتين المنشأتين، والتسبب بوقف تصدير النفط حتى الآن وحرمان الشعب اليمني من 70 بالمئة من موارده الاقتصادية.

وفي سبتمبر 2021 هاجمت مليشيا الحوثي الإرهابية ميناء المخا، أقدم موانئ اليمن والجزيرة العربية، بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية، في الوقت الذي بدأ الميناء استئناف أنشطته الملاحية تدريجياً بعد تأهيل طارئ لمرافقه الحيوية، ولم يكن الغرض من هذا الهجوم سوى تدمير مرفق حيوي وُجد لخدمة المواطن اليمني الذي تعمل إيران جاهدةً على تجويعه وتعتيم حياته وإحباط أي فرصة تقوده إلى العيش الكريم والمستقبل الأفضل.

في كل مقامرة للمليشيا الإرهابية، يخرج زعيمها المتطرف ليهدد ويؤكد أن ليس لديه ما يخسره؛ لكن اليمنيين بالتأكيد يخسرون الكثير، ويدفعون الأثمان غالياً من حاضرهم ومستقبلهم ومقدرات بلادهم التي يقدمها الحوثي كبش فِداء خدمة للحرس الثوري الإيراني وتحقيقاً للأجندة الإيرانية.


وأمام هذه الصورة المفزعة للدمار الذي ألحقه الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه السافر على الحديدة، تتكشف الحقائق بوضوح بشأن سيناريو جديد من تبادل الأدوار بين إيران وإسرائيل في تدمير المنطقة، بما في ذلك اليمن التي لم تسلم من هذين المشروعين الإرهابيين (الصفوي والصهيوني) اللذين يرفضان التصادم مباشرة مع بعضهما ويذهبان لتدمير بلدان أخرى لا ناقة لها ولا جمل في صراعهما المزعوم.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية