ليس مغالاةً ولا توهُماً القول إن الشباب هم العمود الفقري للجمهورية تعلو فوق هاماتهم وتتجذر في أذهانهم وتعشعش في صدورهم، وهي الشريان الوحيد الذي يربطهم بالوجود، قداسة وفكرة ووعياً وسلوكاً، هم حراسها وحماة أمجادها وأحفاد أبطالها، هي الإرث الذي تركه لهم الآباء والأجداد، هي الشرف والكرامة والعِرض المستأمنون عليه والمتشبثون بالحياة لأجله، فقد أتقنوا أبجدياتها في صغرهم، وفقهوا تاريخها في مقتبل أعمارهم، وهم أكثر فئات المجتمع غيرة وشغفاً وحماساً للذود عنها والتضحية على حفنة من رمالها وملمح من ملامح خيراتها.

الشباب الذين تبدو الجمهورية في نظرهم هي النعيم المقدس والفتح الأعظم والمجد الحقيقي، الجمهورية التي صنعت وعيهم الوطني وثقافتهم الدستورية وسلوكهم المدني القائم على مبدأ المساواة والعدل والقانون بلا طبقية اجتماعية ولا مذهبية دينية ولا سلالية عنصرية.

اليوم، يتمحور هذا الجيل في مقدمة الصفوف في مختلف جبهات الشرف والكرامة دفاعاً عن الجمهورية برباطة جأش وعزيمة وطنية منقطعة النظير، يتصدرون منابر الإعلام والصحافة ووسائل التلفزة، يبددون خرافة الولاية ويدوسون بأقدامهم فكرة الاصطفاء، ويتمردون على الإيديولوجيات المتواطئة أو المتعاطفة مع الوهم السلالي بجهل أو بعلم؛ لأنهم لا يعرفون المخاتلة فالحقيقة جلية عندهم؛ إما أسود أو أبيض، لا يرضخون لكل المبررات المدسوسة في كتب الدين والتاريخ، ولا يسمعون لرجال الدين الذين يؤيدون الهاشمية السياسية المتكئة على التمييز العنصري، وهو ما لفظه الفكر الجمهوري كلياً وقطعياً في صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر.

وعليه؛ فإن من أولويات السلطة الشرعية والمقاومة الوطنية والقوى الوطنية بمختلف مسمياتها، التي حملت على عاتقها دحر القوى الظلامية الإمامية والفكر الكهنوتي العنصري، أن تستوعب شريحة الشباب في كل مؤسساتها ومفاصل تواجدها سواءً عسكرياً أو إدارياً أو سياسياً أو ثقافياً؛ لأن هذه الشريحة كنز حقيقي بطاقات مهولة وإرادة جمة ولو تم استثمارها بشكل منظم واستُغلت طاقاتها وصُقلت موهبتها لشكلت فارقاً جوهرياً في معركتنا الوطنية، بين الجمهورية والإمامة؛ فبحسب الإحصائيات في السنوات الأخيرة تمثل شريحة الشباب 40% من سكان اليمن.

على الجانب المظلم، سعت المليشيا إلى استهداف هذه الشريحة بشتى الوسائل لاستغلالها في مشروعها، بعد أن عكّرت ونسفت المدارس والجامعات وأسواق العمل موصدةً كل الأبواب أمام الشباب باستثناء باب مسيرة الموت السلالية، ملتهمةً أسراباً من أطفال المدارس وشباب الجامعات والعاطلين عن العمل لتقديمهم ككبش فداء للمحارق.

فلا يجب أن تُترك هذه الشريحة لنفس الهاوية، رغم أن اللحظة الجمهورية حساسة جداً، ودور الشباب يفترض أن يكون محورياً لا هامشياً ويجب إشراكهم في معترك هذا الصراع الوجودي بين الجمهورية والإمامة بشكل فاعل وملموس دون تأطيرها في حزب أو فصيل.

هذا جيل جمهوري خالص فقدت الأحزاب والجماعات الدينية القدرة على أدلجته وتأطير تفكيره وتوجيه مواقفه، وما أحوجنا لجيل ولاؤه المطلق للوطن وقيمه السامية ومنجزاته الثورية الخالدة.

وأجزم أن أي جهة أو مكون وطني سيستوعب هذه الشريحة في تشكيلاته ويستثمر طاقاتها ويوجهها في المسار الوطني الصحيح، فستكون كفة الانتصار من نصيبه وسيحظى بمستقبل وطني باهر طالما كانت الكوادر الشابة من ضمن اهتماماته وتحت قيادته؛ إذ إن هذا الجيل هو الذي سيحدد مستقبل اليمن مهما كان تواجدهم الآن ضحلاً، إنهم القوة الضاربة

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية