الجاسوسية حكم قضائي جاهز تسقطه مليشيات الحوثي على رقاب اليمنيين بلا استثناء، على مدى تسع سنوات مُلئت السجون الحوثية بكثير من الأبرياء المختطفين من منازلهم أو من الشوارع أو من الطرقات أو من النقاط الأمنية أو من متاجرهم أو من مكاتبهم أو من شركاتهم أو من أراضيهم الزراعية بتهمة الارتزاق والعمالة، حيث كانت التهمة من قبل محتشمة (مع العدوان)؛ أما الآن فغدت تهمة عاهرة أمريكية إسرائيلية، وتوجب على المليشيات استئصال عريها وتقصي مواطنها بين المدنيين.

فضيحة إجرامية أقدمت على ارتكابها المليشيات باختطاف الموظفين في مكاتب الأمم المتحدة والعاملين سابقاً في السفارات الأجنبية، والتابعين لمنظمات عالمية ومحلية.. فضيحة بالفعل والشكل والأسلوب والإخراج الدراماتيكي في نسج خيوطها وتصوير تبريراتها بطريقة فانتازية مثيرة للسخرية؛ لأنها قُدمت بسذاجة وبُنيت على فراغ وعُرضت بسخف، والجديد فيها هذه المرة الزعم أنهم عملاء وأن لهم عقود يمارسون العمالة وكذلك امتدت التهم لتشمل قضايا زراعية وإتلاف ممتلكات الشعب!

ولإظهار واقعية هذه المسرحية الفضيحة تعمدت المليشيات التمهيد لها، فقبل أيام من حدوثها ظهر سلطان السامعي في مقابلة تلفزيونية يصرح "بأن سلطة صنعاء وأجهزتها مخترقة من أمريكا وإسرائيل"، وبعدها تم القبض على هؤلاء باعتبارهم مصدر ذلك الاختراق ومكمن وجوده؛ حتى تكتمل صورة الفضيحة، وليس هذا فحسب، بل بثت قنواتهم شريطاً متلفزاً لاعترافات المتهمين بما نسب إليهم رغم أن قضيتهم بيد القضاء الحوثي الذي لم يحاكمهم محاكمة علنية أو يسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم كتناقض عجيب بين عمل الأجهزة الأمنية والدوائر القضائية، وهذا لا يحدث إلا على يد دولة العصابات المليشاوية فقط.

الغريب في الأمر، أن معظم المتهمين كانوا همزة الوصل بين المليشيات والمنظمات المانحة وكانوا السبب في تدفق كثير من الأموال الإغاثية التي يستحوذ الحوثي على معظمها، ويعملون تحت إشراف الحوثيين، وحين أبدت معظم المنظمات نيتها بإيقاف الدعم أو تخفيفه بعد تبين سيطرة السلالة عليها، تحول العاملون في هذه المنظمات إلى عملاء ومرتزقة عملاً بالمثل اليمني القائل "احلبي ولا السكين".

وإذا ما عدنا إلى الماضي القريب لوجدنا أن الحوثي هو الجاسوس والخائن والعميل والمرتزق الوحيد في اليمن، وأثبت ذلك بتنكيسه علم الوحدة اليمنية يوم عيدها الرابع والثلاثين حزناً على مصرع سيده رئيس إيران، نافياً عنا أي توجس أو شك في تبعيته لخامنئي، أما اليمنيون فلا أحد ينازعهم وطنيتهم وحبهم لأرضهم وما عرفوا خائناً أو عميلاً ككاهن مران باع كرامتهم واستباح حياتهم وحول اليمن إلى حوزة فارسية تشكل مصدر قلق وإزعاج للداخل والخارج.. كل سلالي جاسوس وعميل وخائن هذه هي الحقيقة المطلقة بلا منازع.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية