البنك المركزي في عدن يعيد الحوثي إلى الكهف
يدرك اليمنيون القاطنون تحت سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية أن من يحكمهم عصابة تدار من إيران، إلا أن هذا الإدراك تعزز بعد قرارات البنك المركزي في عدن التي أعادت الحوثي إلى كهفه، ونسفت تبختره الاقتصادي الزائف، وبثت الرعب في أوصاله، وأظهرت حجمه الحقيقي الذي لا ينتمي إلى مفهوم الدولة وإنما إلى العصابات المغتصبة للسلطة دون امتلاك قدرة على تسيير شؤونها.
عجزت المليشيات في فهم حيثيات القرار واستيعاب مخاطره المهددة لوجودها، طالما أن القرار يحضى يتجاوب البنوك والمصارف الإقليمية والدولية وحاجة ملحة- تأخرت كثيراً- من قِبل الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، وقد ظهرت آثار الصدمة لدى المليشيات في تبني بعض ردود الأفعال كقرارها توقيف التعامل مع بنوك ليس لها وجود في مناطقها، واعتماد شائعات وأخبار في عدة مواقع تتعلق بإلغاء القرار، ولم تتمكن بعد من تفادي هذا القرار الذي بعث الرعب في نفوس الناس هناك وكيفية تعاملهم معه.
ترد أخبار من صنعاء بأن المليشيات عممت منعاً على البنوك ومحلات الصرافة بعدم استبدال العملة النقدية القديمة للمواطنين بالعملة الصعبة بعد أن توطد التوجس لدى العامة ووثوبهم للتخلص مما بحوزتهم من عملة باتت في حكم الملغية، ولم تعد لديهم ثقة بعصابة تقودهم إلى التهلكة.
يُشاع بأن 80% من السيولة النقدية للعملة القديمة مكدسة في بداريم القيادات الحوثية و20% هي المتبقية في السوق. ولذا؛ فإن القرار أصابها في مقتل، كما أن منع الحوالات الخارجية للمناطق الحوثية وعدم إتاحته إلا عبر البنوك التي يقرها البنك المركزي في عدن سيضاعف المعضلة المالية وسيجسد شحة العملة الصعبة بشكل كبير، وسيصيب الحركة الاقتصادية الحوثية بشلل تام.
تحريك الملف الاقتصادي مع عدو كالحوثي سلاح مهم بمقدوره تغيير مسار السياق السياسي والعسكري في الواقع؛ لأن استبعاده من حلبة الصراع مع الحوثي جلب مخاطر جمة دفعتها الحكومة الشرعية بصورة مباشرة وغير مباشرة، بحسب خبراء اقتصاديين باركوا هذه الخطوة التي تعمل على إنهاء الانقسام المالي الذي اتبعته المليشيات ولم تأبه للظروف المعيشية البائسة التي يعيشها المجتمع.
ستحاول المليشيات الآن التحجج بقبولها أي مفاوضات للسلام تعفيها من تبعات هذا القرار، لأنها تدرك تماماً أنه سيقصم ظهرها ويقرب أجلها، علماً بأن البنوك التي حددها بنك مركزي عدن باعتبارها متواطئة مع العصابات الإرهابية لم تُبدِ أي ردة فعل وظلت ملتزمة الصمت وكأنها كانت تنتظر القرار، وقد ظلت مجبرة للتعامل مع العصابة خارج إرادتها وتطمح إلى التحرر من القيود الحوثية التي هدمت النظام المالي بتعسفاتها وأنظمتها الارتجالية، وسطت على حسابات الأشخاص وكشف بياناتهم بالقوة.
هزيمة الحوثي اقتصادياً خطوة استثنائية في تقليم أظافره وتغيير خارطة الأحداث بعد تعنته المستميت وتمرده المستمر، وكما قال ياسين سعيد نعمان: يجب استغلال كل وسيلة متاحة من شأنها أن تمنحنا انتصاراً على أقذر عصابة في التاريخ.
يجب مكافحة تهريب العملة الصعبة من المناطق المحررة إلى مناطق الحوثي وفرض إجراءات اقتصادية وأمنية تعيق هذا التهريب وتنتشل أدواته، لخنق العصابة أكثر واستنزاف قدراتها المالية، وحصارها اقتصادياً بعد تذرعها باستقرار سعر الصرف عندها رغم أنها لا تستند إلا على التحكم بشبكة النظام المالي وإماتة الوضع الاقتصادي الذي منحها فرصة ثبات الصرف.