قطيع المبرِرين مجرمون عن بُعد
كانت الأفعال الإجرامية الحوثية تُقابل باستهجان وتذمُّر من كافة أطياف المجتمع، لكن مع مرور الوقت أثمرت ثقافة الجماعة الإرهابية ودوراتها الثقافية وتلاعبها بعقول بعض العامة وبعض النخب المترهلة في تغيير معادلة ردة الفعل إزاء جرائمها من خلال إنتاج قطيع من المبررين وأرتال من المغفلين والحمقى الذين يتلقفون هرطقات الكاهن وسلطاته حول كل حدث وترويجها وإثبات حقيقتها وإن كانت منافية للعقل والمنطق والإنسانية.
برز هؤلاء القطيع إلى السطح وتكشفت عاهاتهم في الجريمة المروعة؛ تفجير منازل الأبرياء في رداع بعد أن تقيأت الميليشيات بتصريحها السخيف "إنه تصرف فردي" فهلل القطيع لذلك الرد المخزي بكل فجاجة وعدمية إنسانية، وقرف أخلاقي وتبلد عقلي وتصحر عاطفي.
لا أستغرب ولا ألقي اللوم على أي سلالي، فالمشروع والحقد مشتركان بين كل فصائل السلالة، ما أثار صدمتي هو تورط زنابيل صغار وعبيد كبار ممن يسمون: ناشطين وصحفيين ومهرجين جدداً، ليس لهم قيمة أو معنى في ميزان الإمامة، إلا استعذاب العبودية واسترضاء الذل، والخلاص من إنسانيتهم وقيم مجتمعهم، وممارسة طقوس التبعية، وإثبات جاهزيتهم في الولاء والإذعان لمشروع الكهف والدخول في مستنقع المسخ.
ما يحير في الأمر الاستفسار عن كيفية انهيار المرجعيات الوجودية والأخلاقية لهؤلاء القطيع، واندماجهم الطفيلي مع حالة القبح السلالي، ونجاح تهجينهم مع النهج الرجعي واستساغة أفعاله وأقواله دون خجل من ذواتهم أو احتقار كياناتهم المترسبة في حضيض الكهنوت التدميري.
تفصح حالة الانحطاط التي ظهر عليها هؤلاء القطيع عن نفسياتهم المثخنة بعُقد النقص والتأزم، وعقليتهم المتدنية الوعي المتناغمة مع الظلم والقهر، وأرواحهم المتصحرة التي غدت نفايات للتخلف والنفاق، وسلوكهم المشين المتماهي مع الجبروت، ورؤيتهم المأسورة بالعواطف البالونية والمواقف الزائفة التي حولتهم من بشر إلى قطيع، وبدلت إنسانيتهم بهمجية واستباحة السلالة لدماء اليمنيين بذرائع باطلة وتُهم مفتعلة.
مهما انخدع القطيع من النخب والمهرجين أو العامة من الناس بموقف الميليشيات المساند لغزة إلا أنها تؤكد لهم أنها تمارس الجرائم بصورة أبشع من تلك التي تستنكرها في غزة، وما كان هدفها إلا التغرير وتزييف الحقائق وتبييض وجهها المرصع بالعنف والوحشية والإرهاب، فما فعلته في رداع من مجزرة مروعة يثبت -بما لا يدع مجالاً للشك- أنها أكثر دموية ولا يمكنها إخفاء سلوكها الإرهابي، أو التخلي عن عقيدتها المدمنة لتفجير منازل خصومها على رؤوس ساكنيها كعُرف توارثته عن أجدادها السفاحين عبر تاريخ طويل من القمع الإمامي.
والحقيقة التي يمكن قولها لهؤلاء: إن استعباد العقول أشد مضاضة من استعباد الأجساد، فمن كان جسده مقيداً خلف القضبان فعقله حر طليق ويشعر بإنسانيته، لكن من كان جسده حراً وعقله مستعبداً فذلك قمة الرخص والسقوط، وكل يوم يتقبل التفاهة والاحتقار وتصبحان علامة مسجلة في جبين وجوده ومكانته في مجتمعه، هذه هي حالة القطيع المبرر لجرائم الحوثي الذين يتوهمون أنهم يمتلكون رؤية وبصيرة تمكنهم من فهم واقعهم وتفسير سياق الصراع من حولهم، لكن حقيقتهم أنهم عبيد بلا أجر، ومرتزقة متطفلون لن يحظوا بأية قيمة عند سيدهم الدجال؛ مهما أخلصوا في شناعة أفكارهم المؤيدة لكاهنهم، فقد باعوا أنفسهم بثمن بخس وتقبلوا الوقوف على منصة الاحتقار والدونية والتبعية الدنيئة لمشروع دمر إنسانيتهم ونسف وطنهم، واقتنعوا بوضعهم الممسوخ والتباهي بعاهتهم أمام الملأ في وسائل التواصل دون إحساس ببصق الناس في وجوههم والركلات التي تقذف بوجوههم وأسمائهم إلى سلة المهملات ومكب النفايات السلالية التي يشقون معها.