سمير اليوسفي يكتب: عن الزعيم في الذكرى السادسة
كان "صالح" كمن نقرأ ونسمع عنهم من الزعماء الكبار: يخطئُ ويصيب؛ لكنَّ صوابه أكثر من خطئه بكثير.
يغضب وينفعل ويثور، بسبب إساءة، أو وشاية؛ لكنّه سرعان ما يهدأ، ويصفح ويسامح، ويعود كأنّه وليٌّ حميم.
كما أنّه قد يثأر لنفسه؛ لكنه لا يقطع حبال الوصل، ولا يحقد ولا يجحد.
وحتى مع أعدائه، ظل يبعث لهم الرسائل الممزوجة بالترغيب والترهيب، والوعد والوعيد.. ويطرح الحلول دون إفراط وتفريط.. ويطلب منهم التنازل واللقاء في منتصف الطريق على حل وسط ومُرضٍ لجميع الأطراف.
ولهذا؛ فإنّ انتفاضته في 2 ديسمبر 2017، كانت متوقعة لمن يعرفونه عن قُربٍ، ويعلمون مقته الشديد للفكر السلالي العنصري، الذي يريد الحوثي إعادته مجدداً بعد أن ساد دولة الإمامة لأكثر من ألف عام.
صالح لم يكن جباناً ولا رعديداً.. ولم يكن يخشى الموت، أو ينزعج منه، قدْر خوفه من الخاتمة السيئة.. مثل أن يموت في لحظة ذُل أو ضعف أو مهانة.. واستُشهد في ذروة سموّه وشجاعته، وهو مُتحفز للقتال ، بعد أن ظلّ قُرابة العام يحاول إثناء الحوثيين عن مشروعهم السلالي التدميري، حتى يئس منهم، و أدرك أنّ السِجال السياسي معهم لم يعد مُجدياً، واستمراره بينهم أو معهم، سيؤدي به إلى أن يكون ظهيراً للمجرمين.
وصل إلى يقين راسخ بضرورة المواجهة، مع أنّه كان يُدرك مسبقاً أنّ قراره بالقتال مجازفة قد لا يُكتب لها النجاح بسبب الخذلان، ويفقد بسببها حياته.. إلاّ أنّه صار عنده أفضل الحلول وأكثرها شرفاً وكرامة.
أراد، بمقاتلة الحوثيين، أن يقدّم لأعدائه ومبغضيه، قبل أنصاره وأعضاء حزبه، درساً في التضحية والفداء.. مكتوباً بدمه؛ ليستلهموا منه العظة والعبرة التي تدفعهم لإنقاذ بلدهم من حكم الجبت والطاغوت.. لأنّ بقاءه حياً في ظل دولة الحوثي، أو في المنفى، لا يختلف عن الموت؛ بل هو أقسى كثيراً من الموت، وعار سيلحقه وَأسرته أبد الدهر.. فخاض حربه الأخيرة عن قناعة ووعي، حتى استُشهد.
طوبى له.. وسلامٌ عليه حتى يُبعث حيّاً!