رغم مرور عام على فقدان رئيس جمهورية الشعر والثقافة والفكر والنقد والثورة والنضال إلا أن ذلك الفقد أيقظنا من السبات، ودلنا على الكنز العظيم والمجد اليمني المسمى "عبدالعزيز المقالح" بصفته وطناً بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وهوية تعبر عن كل يمني وعربي، ونوراً يشع في الوجدان، وحلماً ترعرعت أجيال على بصيصه، وزاداً يضيئ لنا طريق الحاضر والمستقبل .

ولذا فإنه أعظم من شاعر، وأعمق من مفكر، وأكبر من مناضل، وأعلى من هامة، وأبعد من رمز وطني…

إنه قائد ملهم وحامل شعلة الاستنارة والتنوير، وقاهر العتمة، ووهاج اللغة والفكر والحداثة.

إنه صورة اليمن السعيد، والتاريخ المجيد، ونموذج اليمني وتاريخه وهويته وفكره وهويته، وشغفه وانتمائه لكل ما ينتمي لليمن من أرض وإنسان، فهو اختزال لحضارة أربعة آلاف عام، ومعنى لمبادئ وقيم خمسة عقود جمهورية حرة مشعة بالمجد والانتصار.

وطن تعلق به البسطاء قبل النخب، وتشبثت به الجماهير قبل الخواص، كحلم يسكنونه ورغبة معبرة عن آمالهم، وصوت يصدح بالنيابة عنهم في كل شاردة وواردة تنبثق من أعماقهم على لسانه وتحتويها أحرفه وتدلهم إلى الخلاص والأمان والسكينة والكمال، عشقوا صوته وأدمنوا كلماته، وتغنوا بأشعاره، وتمسكوا بأفكاره ورؤاه التي تنتشلهم من قعر الخيبة والهزيمة والضياع إلى أفق الحلم والقوة والسلام، للدرجة التي تراه متجذراً في أعماق كل يمني كجزء من جيناته، ومشعل من مشاعل روحه، وملمح من ملامح شخصيته.

ولهذا فإن المقالح يمثل أعظم لحظة وجودية في تاريخ اليمن المعاصر والتي ستظل براقة لقرون، ساطعة كنجم، شامخة كانتصار، متوهجة كأمل.

والخلاصة الجوهرية التي أجزم بها أن عبد العزيز المقالح ليس فرداً البتة؛ هو أُمة مضمرة في كيان وذات شخص، ولغة مصبوبة في خيال شاعر، ومجد يسير على قدمين، وتاريخ يُقرأ ويكتب ويتحدث، وتجسيد حي للعروبة والإشراق والكمال.

ولكي أظل قريباً منك يا وطني الراحل وتبقى حاضراً أمامي في كل آن، فقد أطلقتُ اسم "غيمان" على فلذة كبدي تخليداً لذكرك وتمجيداً لعظمتك.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية