الدكتور صادق القاضي يكتب لـ "2 ديسمبر ": قضية "غزة".. وبيوض "طهران"!
لا حاجة لتأكيد المؤكد بشأن الواجب العربي والإسلامي والإنساني تجاه القضية الفلسطينية، وضرورة التدخل العاجل من أجل إنقاذ شعب "غزة" من حرب "الإبادة" الشاملة، التي تشنها إسرائيل ضده، عبر القصف البري والجوي والبحري، والحصار الشامل، وحظر كافة أشكال الاتصال، والحيلولة دون وصول الغذاء والدواء..
لكن؛ في المقابل، هناك حاجة ماسة للوقوف ضد تحويل "مظلومية غزة" من قِبل بعض الأنظمة والتنظيمات العربية والإسلامية، إلى سلاح سياسي لتصفية حساباتها مع أنظمة أخرى، واستخدامها كورقة للمزايدة والمساومة والمناكفة والابتزاز.. لتحقيق مكاسب مرحلية على حسابها، كدول، أو تكتلات ومحاور إقليمية.
وكما أن الانتهازي: "شخص يمكن أن يحرق بيتك، من أجل سلق بيضة"، هناك قوى محلية وإقليمية لئيمة تحاول استغلال حرارة الغضب والسخط الشعبي العربي العارم النبيل على إسرائيل، تضامنًا مع أهل "غزة"، لإنضاج طبخات سياسية قذرة، ومصالح انتهازية مشبوهة على حساب مظلومية غزة والشعب الفلسطيني!
تحاول إيران سلق عدة بيض لها بإحراق عدة بلدان عربية، من خلال تحريض شعوب هذه الدول على حكامها وأنظمتها. لا يخلو الأمر من بعض المفارقات اللافتة:
"محور الممانعة"، بمراكز قواه التي اكتفت كالعادة بالشجب والتنديد والتهديدات الفارغة.. يطالب ما يسمى "محور المهادنة" بالتدخل العسكري لإنقاذ غزة، وإعلان الحرب على أمريكا وإسرائيل، رغم تصنيفها لها كقوى سلبية خائنة وعميلة لأمريكا وإسرائيل!!
أتباع ملالي "نظام الثورة الإسلامية" في "إيران"، لا يطالبون هذا النظام الذي أزعج العالم منذ 1979م بصرخات الموت لأمريكا وإسرائيل، بانتهاز الفرصة، وجعل صرخاته وشعاراته على المحك العملي، وإعلان الحرب على إسرائيل؛ بل يدعون "السعودية" للقيام بهذا "الواجب الإسلامي والقومي المقدس"!
بدورهم، أتباع تركيا وقطر.. من "جماعة الإخوان المسلمين" وغيرهم، وقد انحازوا- بدايةً بحماس- إلى "محور الممانعة"، وتطابقت أجندتهم مع أجندة النظام الإيراني.. لا يطالبون هاتين الدولتين الراعيتين بالسبق للقيام بهذه المهمة "البطولية"؛ بل يطالبون بها مصر والإمارات العربية المتحدة!
هذا الكوميديا السوداء باتت هي سيدة الموقف على مختلف وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي.. كظاهرة غوغائية مكشوفة لإسقاط أو إضعاف أو ابتزاز أنظمة السعودية ومصر والإمارات.. وبقية الدول العربية التي لم تسقط بعد بيد هذه الأنظمة والتنظيمات الشمولية.
لا مجال هنا للحديث عما قدمته السعودية ومصر والإمارات للقضية والشعب والسلطة الفلسطينية، وما تفعله حاليًا- كلٌّ بطريقتها- لرفع الحرب والحصار عن غزة، لكنها لا تزايد بهذه الجهود والمعونات والدعم، الذي يمكن القول بثقة إنه كان، وما يزال مهمًا بشكل وجودي، في بقاء وصمود الشعب والسلطة والقضية الفلسطينية العادلة.