الدكتور صادق القاضي يكتب لـ " 2 ديسمبر " : الحوثي: حواجز واعتقالات.. وجماعة ضد الجميع!
للتاريخ فقط: لم يسبق لأيّ حكومة في تاريخ العالم أن وصفت مواطنيها من الذكور بأنهم خونة وعملاء ومرتزقة؛ لأنهم خرجوا للاحتفال في ذكرى أهم مناسبة وطنية لبلدهم!
لم يسبق لأيّ حكومة في تاريخ العالم أن وصفت مواطنيها من الإناث بأنهن بغايا و(ق ح اب).. بسبب احتفالهن بمثل هذه المناسبة بمظاهر ورموز وشعارات وطنية!
فقط، أنتم، عتاولة الجماعة الكهنوتية في صنعاء، أصحاب هذه السوابق السياسية الفضائحية الكونية.. مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ!!
والأكثر من ذلك، أن تقوموا باعتقال هؤلاء الأبرياء من أبناء شعبكم؛ بسبب هذه المظاهر السلمية الحضارية الوطنية الخالصة!
والأسوأ على الإطلاق، أنكم تقومون بالتهديد والاعتداء والضرب والسحل، وحتى القتل، لكل مدني أعزل أبدى قال حق سلمية في وجه سلطانكم الجائر!
الشعب يتضور جوعًا.. وأنتم تعتبرون أنين الجياع جريمة ضد الوطن!
الجهل والفقر والمرض والعنف والتخلف.. وغيرها من الجوائح البائدة، تعود بكل قوتها في ظل سلطتكم الكهنوتية.. وأنتم تعتبرون حتى النصيحة كفرًا وجريمة سياسية!
ضيعتم الدولة، ومزقتم المجتمع، وصادرتم مصالح الناس، ودمرتم المكاسب التنموية التي تحققت منذ القرن الماضي.. ثم تعتبرون الحديث عن هذا الانهيار الشامل تهمة جسيمة!
الموظفون يعملون بدون رواتب منذ تسع سنوات.. وبدلًا من صرف رواتبهم مع الشكر والعرفان، تعتبرون من طالبوا بمستحقاتهم وطعام أطفالهم، أخيرًا، عملاء وطابورًا خامسًا لدول معادية!
من يعبّر عن فرحه.. مصيره الاعتقال!
ومن يعبّر عن وجعه.. مصيره الاعتقال!
ومن يعبّر عن جوعه.. مصيره الاعتقال!
ما هو التعبير الذي لا يُعد جريمة في ظل حكمكم الجحيم؟!
تنزعون الأعلام الوطنية من أيدي المحتفلين في ذكرى ثورة 26 سبتمبر، وتهينونهم، وتظنون أن الشعب لن يغار من المساس بهذه الرموز والمظاهر والشعارات والقيم الوطنية المتجذرة عميقًا في الوعي والوجدان الجمعي!
باستثناء عتاولتكم ودراويشكم والمغرر بهم من قِبلكم.. الأغلبية الساحقة من الشعب اليمني ترى في يوم 26 سبتمبر 1962، أهم تحول في تاريخ اليمن الحديث، وتحتفل بذكراها باعتبارها عيد الأعياد الوطنية، ومناسبة سياسية وروحية مقدسة.
لا شيء يمكن أن يهز من قيمة هذه المناسبة العظيمة التي يعتبرها الشعب اليمني بمثابة عيد ميلاده، بما في ذلك التهديد والضرب والسحل والاعتقال وحتى القتل!
مشكلتكم، أنكم لا تعتبرون أنفسكم جزءًا من هذا الشعب، ولا تريدون أن تكونوا كذلك.
لا تريدون أن تتصالحوا من أنفسكم ولا مع شعبكم، ولا مع جيرانكم، ولا مع التاريخ والعصر والذات والآخرين.. وتصرون بكل قوة وإلحاح وغباء وصلف وعنجهية.. أن تظلوا جماعة في مواجهة الجميع!
لكن؛ النهاية لن تكون في صالحكم.. حاولتم عزل هذا الشعب عن العالم والعصر والحياة.. وفي الأخير تبين أنكم من تم عزلهم.
سلطة عزلت نفسها بنفسها عن 90% من أبناء شعبها وراء جدار فصل عنصري قائم على تصنيف فئوي طبقي كهنوتي تراتبي بائد!
لم تستطيعوا، طوال السنوات التسع العجاف السابقة من عهدكم البغيض، اختراق هذا الجدار الصلب من الإجماع الشعبي العارم بشأن القيمة العظيمة للنظام الجمهوري، ولن تتمكنوا، مهما فعلتم، من النيل من القيمة العالية لثورة 26 سبتمبر المجيدة، في وعي ووجدان الشعب.
وعلى العكس.. تصبحون كل عام أكثر عزلة وعجزًا وانكشافًا عن العام السابق!
احتفالات الشعب اليمني بمناسبة 26 سبتمبر هذا العام كانت أكثر كثافة وتوهجًا وأعمق دلالة وشعورًا.. من أي عام مضى. بما يؤكد أشياء كثيرة منعشة ومشجعة تتعلق بنوعية الوعي الجمعي والوجدان العام والتوجهات المصيرية للشعب اليمني.
كما هي رسالة قوية لمن يهمه الأمر.. أنتم.. وبالذات الاحتفالات في مناطق سيطرتكم.. وبشكل خاص في قلب العاصمة الأولى صنعاء..
تلك الاحتفالات الجامحة الجريئة كانت أشبه بقيام "مارتن لوثر" عام "1546م" بتعليق قائمة احتجاجاته على بوابة الكنيسة الكاثوليكية في نهاية القرون الوسطى.
وكما دشن "مارتن لوثر" يومها عهد الإصلاح الديني والقضاء على الفساد الكنسي، وإسقاط النظام السياسي الديني الكهنوتي للكنيسة.. الاحتفالات السبتمبرية في صنعاء هذا العام، على صعيد الوعي والإرادة الشعبية، بمثابة شرارة لثورة ستعيد صياغة وترتيب كل شيء، وصناعة مستقبل جديد ومختلف لليمن.