المحرر السياسي| مكرُ الحوثي والسلام الذي ينشده الجميع
لقد كان، ولا يزال، السلام العادل والشامل والمستدام مطلباً وهدفاً وطنياً نبيلاً ومقدساً لكل يمني يحب بلده ويريد له الخير والاستقرار.. وقد أدرك اليمنيون منذ الوهلة الأولى أن السلام لا يأتي بالتمنّي والتوسُّل، بل بالجهد والعزيمة والتضحية والصمود، وهذا ما قاموا به بمساندة أشقائهم في دول التحالف بقيادة السعودية، منذ أن اندلعت الحرب الغاشمة التي شنتها المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
طوال سنوات الحرب -والتي لا تزال- خاض اليمنيون ملاحم ببسالة على امتداد المحاور والجبهات، وقدموا تضحياتٍ جساماً في سبيل الدفاع والذود عن كرامتهم وحريتهم ومستقبلهم المرهون بالحفاظ على مكتسبات الثورة اليمنية الخالدة 26 سبتمبر والنظام الجمهوري والتجربة الديمقراطية، وفي نفس الوقت، لم يغلقوا باب السلام أبداً، بل كانوا دائماً مستعدين للحوار والتفاوض لإنهاء الحرب بطريقة عادلة ومشرفة، وهذا ما أثبتوه في جولات عدة من المشاورات التي عُقدت في مختلف العواصم الإقليمية والدولية.
في المقابل تأتي مواقف ومنطلقات وعقيدة مليشيا الحوثي بعيدة كلياً عن السلام، وليس السلام لديها إلا غطاء لتحقيق أجندتها الخبيثة.
عوامل عدة تجعل مليشيا الحوثي الإرهابية بعيدة عن السلام، ويكفي لمعرفة ذلك النظر في عقيدتها (خرافة الولاية)، فكيف لمن يزعم أن الحكم حق إلهي لا يشاطره ولا ينازعه فيه إلا كافر أن يقبل بالمساواة وأن يحتكم لصناديق الاقتراع والقانون.
نكثت المليشيات كل الاتفاقات التي تم التوصل إليها في المفاوضات، وانقلبت على كل المبادرات التي تقدم بها المجتمع الدولي والإقليمي، والمتغير الوحيد اليوم يكمن في الاتفاق والتقارب السعودي الإيراني، إلا أن مخرجاته على صعيد المشاورات الجارية في الرياض لن تتعدى المسكنات (لقاء النار تحت الرماد).
لم تدخر المملكة العربية السعودية جهداً في مساندة الشعب اليمني في معركته ضد المشروع الإيراني، ولطالما بذلت مساعي خيّرة لإحلال السلام كان أبرزها مبادرتها الرشيدة لحل الأزمة المعلنة في مارس 2021، والتي تضمنت خطة شاملة لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وإعادة فتح المطارات والموانئ، واستئناف الحوار السياسي بين الأطراف اليمنية.
لكن المليشيات الحوثية لم تستجب لهذه المبادرة، بل رفضتها بحجج واهية، تجلى ذلك في مواصلة عدوانها على مأرب وتعز والضالع والحديدة وغيرها من المحافظات، كما استمرت في استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، وقد دل هذا صراحة على أن المليشيات أبعد ما تكون عن السلام.
وبينما يتوق الشعب اليمني للوصول إلى اتفاق سلام يحفظ حقوقه وكرامته ويؤدي إلى إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، فإنه يدرك جيداً المكر الحوثي، والذي جربه في جولات كثيرة، وانتهت كلها بخيانتها للمواثيق، لأن الخيانة دأبها منذ بداية تمردها على الدولة في صعدة.
الأزمة اليمنية تكمن في خرافة الولاية ومزاعم الحق الإلهي لسلالة، وبالتالي يكون النظر إلى الأزمة سطحياً ما لم يلامس هذه الحقيقة.