عاد وفد الوسطاء العمانيين من صنعاء بلا أي تقدم يُذكر في مسار السلام في اليمن، بعد أن التقى قيادات مليشيا الحوثي الإرهابية لأربعة أيام دون أن يلمس أي مؤشرات جدية من الجماعة المدعومة من إيران للانخراط في السلام، والسبب هو تصلب المليشيا ورفضها المعتاد لأي حل سياسي ينهي الحرب ويحقق تطلعات الشعب اليمني، باعتبار أن مشروعها قائم في الأساس على العنف والحرب.

يتصور الحوثي أنه يتمتع بقوة تسمح له بالمناورة سياسيًا، والحقيقة أنه يستفيد فقط من التعاطي الدولي غير الجاد مع الأزمة اليمنية؛ إذ إن المجتمع الدولي يدفع باتجاه تسوية سياسية شاملة، لكنه لا يستخدم أي وسائل للضغط على المليشيا التي تعرقل تحقيق أي تقدم في هذا الصعيد.

عادةً ما كان الحوثيون سباقين في المطالبة بالجلوس على طاولة التشاور، كان هذا في فترة الحرب؛ إذ تهرب المليشيا الإرهابية من ضغط الميدان إلى المراوغة السياسية، والمؤسف أن المجتمع الدولي كان يصدق المراوغة الحوثية التي تنتهي في الأخير بسقف عالٍ من الشروط والمطالب التعجيزية التي تهدف المليشيا من ورائها، إلى التسويف والتعطيل وتبديد الجهود.

ولا يخفى على أحد أن الملف الإنساني هو آخر ما يفكر به الحوثيون، فهم يستغلون المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني لابتزاز المجتمع الدولي والحصول على تسهيلات وامتيازات تخدم مصالحهم، ولطالما كانوا، ولا زالوا ينهبون المساعدات الإغاثية والإيرادات العامة، ويلقون بها في خزائنهم أو يصرفونها على تمويل حربهم، دون تقديم أي خدمات للسكان أو دفع رواتب الموظفين.

إن مليشيا الحوثي لا ترغب في إنهاء الحرب، بل ترغب في استمرارها، لأنها تعتبرها ضامنًا لبقائها، فالحرب تمكنها من قمع المجتمعات ومصادرة حريتها وعزلها في دائرة ضيقة والتحكم بها بالحديد والنار، أما إذا انتهت الحرب، فستكشف حقائق كثيرة، وستظهر مظالم كبيرة، وستخسر مليشيا الحوثي كل ما شيدته بالطغيان والقمع.

ولذلك؛ فإن من يأمل في أن تتجاوب مليشيا الحوثي مع جهود السلام، فإنه كمن يطارد سَرَابًا ليس إلا؛ فالحوثيون لا يؤمنون بالسلام، بل يؤمنون بالحرب، ولا يؤمنون بالديمقراطية، إنما بالاستبداد، ولا يؤمنون بالوطنية، بل يؤمنون بالولاء لإيران، وهذا ما يجب أن يدركه الجميع، وأن يتخذوا موقفًا حازمًا منه.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية