بهذه الكلمات الحقيقية الصادقة التي تختزل طبيعة المعركة السياسية بين الجمهورية والإمامة، والتي قالها عضو مجلس القيادة الرئاسي- قائد المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي العميد طارق صالح، خلال لقائه الهام في المخا مع قيادات السلطة المحلية والمكونات السياسية بمحافظة تعز، تحت شعار توحيد الصف الجمهوري وتعزيز اللُّحمة الوطنية بين كل الأطراف المعنية بتحرير البلاد واستعادة الدولة.

كان لافتاً في هذه اللقاء جدية العميد ووضوحه واستعداده الحازم للعمل في إطار هذا التناغم، وتغيير موازين القوى، وخلق بيئة دولة حقيقية بدون تشظيات أو استحواذات متباينة، وحرصه على حث السلطة المحلية لتقديم برامجها ورؤيتها الراهنة فيما يتعلق بخدماتها للمجتمع وتخفيف معاناته، وإثبات وجودها كسلطة إدارية مسؤولة عن تعز وأمنها واستقرارها الأمني والاقتصادي، بحيث تظل تعز مدينة حاضنة للتعددية السياسية والأجواء الديمقراطية والدفع في بقائها النموذج الذي يُحتذى به في التمسك بمبادئ الدولة ومكتسبات الوحدة ودولة النظام والقانون، لا أن تغدو "تعز" بيئة طاردة للتنمية منغلقة ومتشظية إلى مربعات عسكرية قرارها بيد أفراد، وإنما يجب أن تكون صورة الدولة هي الأشمل، والقائمون عليها يمثلون مؤسسات دولة ولوائحها دون الانحياز لحزب أو مكون أو نافذ ما.

وبعيداً عن أبعاد ودلالات هذا اللقاء الاستثنائي بعد تأزم بين هذه المكونات؛ فإن العميد طارق أكد على نقطتين جوهريتين تصبان في عمق المعركة الوطنية، وهما: أن تعز هي نواة لتحرير صنعاء، ولا يمكن بلوغ هذا الحلم إلا بإدراك هذه الحقيقة التي لا تصدر إلا من قائد متمرس وخبير بشؤون الحرب والسلم، يعرف شفرة الحصار الحوثي وشفرة كسر الحصار، وأن كسر الحصار فاتحة لباب الانتصار واستعادة الدولة.. أما النقطة الثانية فتمثلت بإصرار العميد على أهمية فتح قنوات تواصل بين السلطة الشرعية في المناطق المحررة وبين رموز وقيادات وطنية مخلصة في مناطق الحوثي؛ لتأسيس نواة مقاومة داخلية تنبثق من تلك المناطق مسنودة بدعم ودفع من الشرعية، وبالفعل فإن القطيعة الكلية بين الشرعية، سواء في تعز أو غيرها، وبين المجتمع القابع تحت سيطرة الحوثي تمثل إخفاقاً كبيراً، حيث لم توضع له الاعتبارات منذ بداية المعركة من قِبل التحالف العربي أو القيادة السياسية والعسكرية الشرعية، وهذا الأمر زاد من تعقيد المعركة وإخفاقاتها رغم أن إنشاء تنسيق مشترك كفيل بتغيير المعادلة وتعجيل حركة النصر.. ومن هنا؛ فإن التركيز على هاتين النقطتين هو المدخل الفعلي لإدارة مسار المواجهة وزحزحة منطلقاتها والتقدم بشكل متسارع ومنتظم لطي صفحات السواد السلالي من خارطة اليمن في القريب العاجل، وكلما استُبعدت النقطتان من خطط المعارك القادمة، بقي التعثر والإخفاق ماثلاً في طبيعة المعركة.

وخلاصة القول: إن اللقاء الإيجابي هذا يؤكد معنى الصلة والترابط بين تعز والساحل الغربي حسب منطق الجغرافيا، ويعزز الشراكة والتكامل بين المكتب السياسي والمكونات السياسية حسب منطق السياسة، ولا مناص من تكثيف واحدية المسار وواحدية المعركة والغاية التي تجمع الطرفين وتمثل نقطة التقائهما، ومن أجل العبور الناجح لبلوغها، فلا بد من الاندماج المشترك والتعاون العميق بين الأطياف الجمهورية وتجاوز إخفاقات الماضي ونسيان أحقاده للمضي نحو المستقبل، فالأمل ينبعث والعزيمة تزأر كلما خطونا معاً لتحقيق النصر وبلوغ المجد.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية