كامل الخوداني يكتب: هي أشياء لا تُشترى
حتى لو وقف الشعب اليمني بكله أمامكم إجلالًا وتقديرًا وبالتحية العسكرية، وقبّل رؤوسكم، فلن يوفيكم حق يوم واحد قضيتموه في الأسر، فكيف بخمس سنوات.
هي أشياء لا تُشترى ولا تُعوض ولا تعود. كل يوم وشهر وعام مر من أعماركم في أسركم دين في رقابنا لا يمكن لنا سداده، أكبر من الرُّتب والمناصب والأموال والبروتوكولات السخيفة.
قبل أن تكونوا قادة عسكريين وخريجي كليات عسكرية وأصحاب رُتب عالية، أنتم مقاتلون، ووحدهم المقاتلون من تتمم لهم الأيادي بالتحية العسكرية احترامًا وتقديرًا، فكيف بمقاتلين قاتلوا في شوارع صنعاء غير مكترثين بالموت ولا الجروح ولا الأسر ولا الحصار ولا الخيانات، وسجلوا أروع بطولات الشرف والصبر والرجولة، وبعد خمس سنوات أسر لم يذهبوا للاستجمام؛ بل حملوا بنادقهم وعادوا إلى جبهة القتال بين زملائهم المقاتلين لاستكمال معركة الشرف التي بدأوها.
خرجت سميرة مارش من السجن ليستقبلها الحوثيون بحرس الشرف، أطلقوا عليها الألقاب والمسميات والأوصاف، جعلوا أسرها الذي لم يتجاوز الأشهر وسيرتها وما أسموه بطولتها التي لم تتجاوز زرع عبوة ناسفة بالمنهج الدراسي!
نعيش مرحلة انحطاط أخلاقي وانحطاط رجولة، مرحلة التفاهة التي تدفع متسكعًا في شوارع عواصم الدول، أو مسخًا آدميًا دخل دولة غربية بمهمة رسمية لعمل حكومي قبل سبع سنوات، وبدلًا من الذهاب للمطار بعد انتهاء مهمته اتجه نحو مكتب الشؤون الإنسانية لتقديم طلب اللجوء.. يتساءلون ما هي رتبة محمد محمد صالح وعفاش طارق صالح حتى يستقبلهما زملاؤهم بالتحية!
وبعيدًا عن رتبهم العسكرية التي لا يعرفها (عيال ماما وبابا).. رتبهم مقاتلون، رتبهم جرحى، رتبهم خمس سنوات أسر، ماجستير شرف وصبر وبطولة.
ومن الطبيعي ألا يعرف معنى البطولة من لم تمسك كفه يومًا بندقية، ومن الطبيعي ألا يعرف معنى الأسر من لم تتجاوز أكبر معاناته انطفاء مكيف غرفته نصف ساعة، ومن الطبيعي ألا يعرف معنى احترام الرجال وتضحياتهم ونفسياتهم مَن لا يفرق بين قيد السجان وخلخال الراقصة، ولا يفرق بين جبهات القتال التي يُتمم فيها للمقاتلين والأبطال فقط لا غير، وبين عرض أزياء بالرتب العسكرية في ساحة كلية الشرطة.
تحية عسكرية لكما (محمد وعفاش) قادة كبار وأبطال تتحدث عنهم كل اليمن، تحية لكم ولكل مقاتل يحمل بندقيته في مترس جبهته، يوجه عينيه صوب العدو الحوثي ويتشوق للحظة تحرير بلاده، تحية عسكريه لكل بطل سُلبت من حياته سنوات خلف قضبان الزنازين وسوط الجلاد وصوت السجان، سواء كان عسكريًا أو مدنيًا أو مواطنًا أو صحفيًا، في الوقت الذي كان الكثير من حاملي الرتب العليا وحاملي المناصب العليا ولابسي الجنز والشورتات يتسكعون في شوارع مدن العالم وفنادقها ومنتجعاتها.
سلامٌ عليكم؛ أنتم القادة ولكم وحدكم ترفع الأيادي بالتحية العسكرية، تحية البطولة، تحية الشجاعة، تحية الرجولة، تحية الصداقة والأخوة والاحترام والمحبة والتقدير والتكريم للتضحيات والنضال، الذي لا يعرف معناه من لا يعرف قيمته.