مساء البطولة يا فندم محمد
سرعان ما حملت بندقيتك، أيها البطل، واتجهت إلى الميدان، وأتيت تستدرك ما لم يفتك، وتواصل ما بدأته، وليس عهدك أن تبقى بمدن الضوء؛ بل وعدك هو الميدان، والبقاء في أرض الملاحم..
شمخت بك هذه الجغرافيا يا فندم، وتعالت، وتهللت بمقدمك أسارير الجُند، الذين يعرفونك وكانوا معك وأنت تقاتل والذين عرفوك من حكايات الشجاعة وأحدهم أنا؛ فلقد منحتنا جرعة أكبر من الصمود.
أعرف، فقد قرأت بسحنتك الثبات والعزيمة، وزادتك سنوات السجن اشتعالاً وتجمراً وطنيَّين، وكان العلم اليمني يرفرف في صدرك سنوات من ظلام الكهنة، مضيئاً روحك بالإيمان، فتنسمت الحرية الفارقة ولمسنا من عينيك وهي تتلألأ بالأمل والتحدي وتتوهج كالشمس في الأقطاب المتجمدة، الرغبة في الكفاح.
وكما يقفز المحاربون عبر التاريخ إلى ميدان المعركة، انطلقت أنت سنداً، ورديفاً، وشقيقاً للطارق ولكل فرد بهذه المعركة الوطنية، ومن سنوات الألم والمعاناة انبثقت بقوة أكبر وعزيمة أقوى، ومن أعماق الظلام أنرت البلاد، وستنير أكثر، فهذا تاريخ الشجعان عبر الملاحم العظيمة، كما تنبثق الشجيرات من صلب الحجارة والنجوم بعمق الظلام، كنت أنت منبثقاً كما لو أُضيف لليل قمر ثانٍ مختلف.
قصتك، يا محمد، تثبت لنا أن السجن ليس مجرد جدران وزنازين، فالسجن يكمن في عقل المرء وروحه، وقد كنت حراً وأنت بالمعتقل وزدت الآن حرية، وثمة أناس خارج المعتقل مكبلون بالزنازين، فالسجون تقطن في أعماقهم، ومن الصعب تحرير هؤلاء، فأغلبهم يتنقلون بين العواصم العالمية، يظنون أنهم أحرار، لكنك أنت الحر المختلف، مذ قُبض عليك في معركة وأنت الحر، بمجال موحش.
زدنا بك وكثرنا، واشتد عضد القائد، فمرحباً بك بين هؤلاء الرجال الذين صمدوا وحققوا الإنجاز، ومرحى بمعركة فيها أنت، جندياً وبطلاً.