سال الدم في مهرجان تعز العيدي قبل سنتين بقلعة القاهرة، وكان المبرر أن غنمة صعدت أعلى القلعة ودحرجت الحجارة من أعلى على رؤوس الحاضرين فمات أحدهم.. كنت متواجداً في المكان، وصلت حينها لتوي من المخا لمشاركة البهجة، وعلى رأسي أحلام الفرح، فرأيت رأس الرجل يتهشم بحجرة مدفوعة، نجهل من دفعها، أهي غنمة أم التطرف، ولكن الضحية هو الشاب الذي مات أمام أعيننا، مات بلمحة، وقد صعد يفرح بالعيد ويشتري كوبوناً للجائزة وعاد محمولاً على أكتاف الباكين وبأول ساعة عيد! تلك الحادثة وقعت في ساعة انطلاق المهرجان الأول بيوم العيد، ولم يبدأ المهرجان بعد، والمبرر غنمة، غنمة قتلت أحد الحضور!

 

هذه المرة تختلف، آخر ساعة من المهرجان، سقط أربعة جرحى، فقد أحدهم فكه، فكه كله، تخيل أن تفقد فكك، ولا غنمة هذه المرة لتُرمى بالتهم، العنزات غادرن كل المدينة خوفاً من قتل الناس ورميهن بتهمة الموت، وبحثوا عن مبرر، مبرر مضحك، قالوا: رفعوا صور طارق.

 

وبين ساعة وساعة، حدث أن رُميت قنبلة وأفزعت الحضور بالعام المنصرم في الشهداء، عام 2022، بعد منع إقامة المهرجان في قلعة القاهرة بتهمة الأغنام، وأحدثت القنبلة فزعاً كبيراً بين الناس والنساء والأطفال.

 

تابعوا أطفال تعز، خوفهم، وشباب تعز، وبكاءهم، تابعوا ردة الفعل التعزية ضد هذا التطرف الممض، شاهدت فيديو لمحمد هلال- وهو أحد المتضررين- يتحدث ببكاء وحرقة، ويطالب بأشد العقاب، ويحكي عن حجم الفزع، والخوف، وتدافع النساء، عن حجم الجريمة المروعة.

 

قرأت لمحيي الدين الدغيش منشوراً باكياً بلهجته الصبرية، طفل لا يزال يتعلم التصوير، نشر صورة ليده المتورمة، وكتب بلهجته البلدية كيف تعرض للضرب والدكم واللكلم، صورة يده مدعاة للبكاء، ويده تشكو وتوضح حالة الفزع الذي حل بعشرات الآلاف من الناس في مهرجان تعز العيدي، المهرجان الذي تحول من عيد إلى دم وجريمة!

 

هو التطرف، فلا مبرر لما حدث، وكما كان المبرر عام ٢٠٢١، أن قلعة القاهرة معرضة للسقوط، من تدافع الجماهير، وجلبوا غنمة تظهر بعد إسقاط حجرة على رأس أحدهم؛ والحقيقة أن هناك جانياً واحداً كل مرة هو خطاب التحريض، والضحية هي تعز في كل مرة، كل مرة أرادت تعز أن تفرح نجدها تموت.

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية