ليلة الربع عشر إلى الخامس عشر من يونيو ٢٠٢٣ م، تمكن رجال أمن الساحل الغربي من إحباط سرقة طقم عسكري تابع لإحدى الوحدات العسكرية في الساحل، خلال دقائق معدودة من سرقته. وقبل أن يصل بلاغ سرقة الطقم إلى غرفة العمليات الأمنية، كان رجال الأمن قد اشتبهوا بالطقم المسروق، وطاردوه، وأجبروه على السير نحو مكان يمكنهم التعامل معه دون أي آثار جانبية يمكن أن تؤثر على سكان المدينة، وهناك بالفعل تعاملوا معه وضبطوه، بما فيه ومن فيه ممن حاولوا سرقته، في عملية أمنية نوعية واحترافية غير مسبوقة.

أمن يا مالي أمن 

قبل العملية المشار إليها- بأسبوع تقريبًا- كان منزل الزميل المصور أنور شريف في مدينة المخا قد تعرض للسرقة وهو خارج المنزل في مهمة عمل، وما هي إلّا ساعات من تقديمه بلاغًا بالحادثة، حتى طلبته أجهزة الأمن للتعرف على أدواته، وعلى اللص الذي دخل منزله بمعاونة آخرين كانوا يحرسونه عن بُعد.

أمن يا مالي أمن 

قبل ذلك بأيام قليلة، سُرِق باصُ أحد المواطنين من المخا، وبمجرد الإبلاغ عن السرقة ومواصفات الباص، بدأ التحري، وتواردت معلومات العيون الساهرة من كل المداخل والمخارج ونقاط الانتشار الأمني والعسكري، جميعها تفيد بأن باصًا بمواصفات الباص المسروق، تم رصد حركته ما بين المخا وجبل النار، ثم ما بين جبل النار وموزع، ثم ما بين موزع ومديرية ذو باب، ثم خرج من الخط الساحلي باتجاه عدن، وبمجرد الإبلاغ عن هذه المؤشرات والقرائن والمعلومات، تم إرسالها عبر العمليات المشتركة وغرف التواصل والتنسيق الأمني إلى عدن، وهناك كانت أجهزة أمن عدن بالمرصاد، تنتظر اللص والباص المسروق، وتترصد حركته بين مئات الباصات المشابهة، فعيون الأمن لديها القدرة على الفرز والتمييز، وبالفعل تم ضبطه في عدن، وتمت إعادة الباص المسروق من عدن.

أمن يا مالي أمن 

وفي تاريخ ٦ يونيو نشر الإعلام الأمني- التابع لوزارة الداخلية- خبرًا مفاده أن أجهزة أمن الساحل ضبطت في المخا مطلوبًا، كان قد ارتكب جريمة قتل في محافظة لحج، وفر بعد ارتكاب الجريمة هاربًا، لكن أقداره ساقته إلى مدينة المخا، التي كانت أجهزة أمنها قد تلقت البلاغ الذي تداولته أجهزة الأمن في كل المناطق المحررة، عبر عمليات وزارة الداخلية، ولأن القطاع الأمني في الساحل يتعامل بمسؤولية عالية مع البلاغات الأمنية، حول الجرائم والمجرمين المطلوبين، فإن المجرم الفار إلى المخا لم يمكث كثيرًا حتى وصلت إليه أيادي رجال الأمن، وتم ضبطه وإرساله إلى حيث هو مطلوب.
 
أمن يا مالي أمن 

في مكان ما من مدينة المخا وجدت قائدًا أمنيًّا يسأل ويدقق ويتحرى- عند خبراء الاتصالات الحديثة- عن كيفية التتبع للهواتف المسروقة عبر الأرقام التسلسلية الخاصة بالهواتف الذكية، ويستمع- بإمعان- للآراء التي يطرحها من لديهم معرفة وخبرة بالتقنية، لفت انتباهي هذا الاهتمام الكبير وبقيت أستمع معه لمجموعة من الآراء والإجابات، ثم سألته عن سر اهتمامه، فأجابني أن الهواتف الذكية المسروقة وسيلة من وسائل ضبط المجرمين.

أمن يا مالي أمن 

قبل عدة أشهر وأنا أمر في الشارع العام بمدينة المخا، لاحظت ناقلة غير مألوفة (دينَّا) محملة بالبرتقال، تقف في أحد الشوارع- في وقت متأخر من الليل- والناس يتقاطرون إليها لشراء البرتقال بالجملة وبالتجزئة، اقتربت مع الناس أسأل عن البرتقال وسر تدافع الناس عليه في ذلك الوقت، فوجدت الكل يؤكدون أن صاحب هذه الناقلة يأتي إلى المخا كل أسبوع أو عشرة أيام، ويبيع ما يجلبه من الفواكه المحلية بأسعار أقل من السوق!
اقتربت ممن يبيع وسألته من أين جاء بالبرتقال..؟ 
فقال لي إنها من الجوف..
سألته عن السبب الذي جعله يجلب هذه الفاكهة من الجوف شرقي البلاد، إلى المخا في الغرب..؟
فبادرني صاحب الناقلة والمال، الذي كان يقف في أعلى مكان من الناقلة قائلًا: 
(طِيْب السوق والأمان)..
دخلت معه في التفاصيل فاستطرد قائلًا: 
"في الساحل الغربي أوصل ببضاعتي وأبيعها في أي مكان وفي أي وقت، والناس بمجرد ما أوقف الدينَّا يقبلوا زي ما تشوف يشتروا في أي وقت..
لكن في أماكن أخرى لو جنبت في أي شارع أبيع يحلِّقوا علينا المتهبّشين أكثر من الزباين...
هنا أبيع بضاعتي في مكاني، وإذا تأخرت أرقد فوق سيارتي، واجزع وارجع ولا من يتهبشني ولا من يآذيني، لما أكمل بضاعتي وأسير في حالي"... 
ثم ختم حديثه بالقول: 
"أمن يا مالي أمن"، ومنه استعرت هذه الجملة، وجعلتها عنوانًا رئيسًا لهذه المادة، ولازمة فاصلة بين فقراتها.

أمن يا مالي أمن 

في الساحل الغربي قطاع أمني، ومناطق أمنية وأقسام شرطة ومباحث وتحريات وأمن مركزي وأمن عام وشرطة سير، وشرطة راجلة ظاهرة ومموهة.

وفي الساحل الغربي شرطة عسكرية واستخبارات وأجهزة وعناصر أمنية لا يغمض لها جفن إلَّا وعشرات الجفون مفتحة.

وفي الساحل الغربي عيون لا تسأل عن النوم إلَّا عندما تطمئنُّ أن كل من يعيش في محيطها وتحت مسؤوليتها من المواطنين والنازحين والزائرين ينامون بهدوء وطمأنينة، آمنين على أرواحهم وممتلكاتهم وكل حقوقهم.

وفي الساحل الغربي أمن وشرطة وحُرَّاس، وعمالقة وزرانيق وقوات تهامية، وخفر سواحل وقوات بحرية، ومكافحة إرهاب وقوات مهام خاصة، وقوات وطنية مدربة ومسلحة من كل اليمن، اسمها القوات المشتركة، التحق بها يمنيون أحرار، وتديرها قيادات أمنية وعسكرية، وتساندها قيادات سياسية واجتماعية، وحولها مكونات مجتمعية وطنية، يرعاها ويدفع بها للبذل والعطاء والتكامل والنجاح قائد وطنيٌّ حرٌّ اسمه العميد طارق صالح، ومن حوله قادة وضباط وأفراد يعون ما يفعلون جيدًا.

في الساحل العربي
نقاط ودوريات أمنية وعسكرية، ورجالٌ يواصلون الليل بالنهار، ويمسحون كل شبر في كل ساعة، ويتواجدون حيث يتواجد وحيث لا يتواجد الآخرون، ليس للاستعراض أو للإرهاب أو لابتزاز الناس أو مضايقتهم؛ بل لتأمين المنطقة، ولتحقيق أعلى مستوى من السكينة والطمأنينة للمواطنين والنازحين والساكنين والزائرين، ومن حولهم مجتمع يؤمن بالسلام ويحرص على السكينة والاستقرار، ويدرك أن الأمن لا يتحقق إلّا حينما تصبح فرص ومساحات تحرك المجرمين واللصوص أضيق من عين الإبرة.

في الساحل الغربي "أمن يا مالي أمن" ومن كذَّب جرَّب.

--------
الساحل الغربي 
١٩ يونيو ٢٠٢٣ م

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية