تقرير| كيف أجبرت الحرب الحوثية عائلاتٍ يمنية على التخلّص من أطفالها المواليد؟
ما تزالُ ظاهرة التخلص من الأطفال المواليد في اليمن آخذةً في الاتساع، فخلال الـ24 ساعة الماضية، عُثر على طفلين مولودين ملقيين على الأرصفة في محافظتي عدن وإب، مع تساؤلات عن الدوافع التي تُجبر العائلات على اتخاذ قرار أليم كهذا.
أجابت منظمةُ الأمم المتحدة للطفولة يونيسف عام 2019، عن السبب بإيجاز؛ إذ إن "قدوم مولود جديد إلى الحياة في اليمن يمكن أن يتحول في كثير من الأحيان إلى مأساة للأسرة بأكملها". بحسب تقرير للمنظمة المعنية بالطفولة في يونيو من العام نفسه.
وأَبلغ سكان محليون عثورهم على طفل موضوع داخل كرتون أمام أحد المساجد في محافظة إب وسط البلاد يوم أمس الأول، وقبل زهاء شهرين وضعت أم طفلها الرضيع أمام أحد المساجد بصنعاء ووضعت بجواره رسالة مثيرة للتعاطف أدمت ضمائر متداوليها، تشكو عدم قدرتها حتى على توفير الحليب له وتطلب ممن يقع الطفل بين أيديهم رعايته على أحسن ما يمكن.
وتفيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة ضمن سلسلة بيانات قصيرة حول صحة الأم والوليد في اليمن، بأن امرأة وستة من حديثي الولادة يموتون كل ساعتين في اليمن بسبب مضاعفات أثناء الحمل أو الولادة.
ولا توجد إحصاءات رسمية موثقة عن عدد المواليد الذين لجأت عائلاتهم إلى التخلص منهم؛ لكن خبيرة مجتمعية متخصصة في علم الاجتماع بجامعة صنعاء تحدثت لوكالة "2 ديسمبر"، عما أسمتها القرارات المفجعة التي تتخذها العائلات المطحونة بالفقر مع أطفالها المواليد.
وقالت، مشترطة عدم ذكر اسمها، إن العائلات التي تُقدِم على هذا الخيار تُقدّر حالتها المعيشية وتدرك أنه لن يكون بوسعها رعاية طفل في ظل الأوضاع الكارثية للحرب والظروف المعيشية القاهرة، لا سيما في المناطق الرازحة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، حيث بلغ الوضع بالكثير من العائلات إلى عدم قدرتها الحصول على ما يكفي من الطعام وبعض العائلات بالكاد تعثر على وجبة واحدة في اليوم.
واشارت الى أن الحرب تسببت في معاناة كبيرة للسكان، وأدت إلى نقص في الغذاء والماء والخدمات الصحية والتعليمية؛ "قد يشعر بعض الآباء والأمهات بأنهم غير قادرين على توفير الحاجات الأساسية لأطفالهم، أو أنهم يخاطرون بحياتهم بسبب العنف والقصف، وبعض هؤلاء يفضلون إعطاء أطفالهم لأشخاص آخرين يستطيعون رعايتهم بشكل أفضل".
وأوضحت أن الكثير من النساء والفتيات في اليمن يواجهن تحديات صحية متعددة، خاصة خلال الحمل والولادة والرضاعة، وقد يصبن بسوء التغذية أو الأمراض أو المضاعفات التي تهدد حياتهن أو حياة أطفالهن، وأسباب مثل هذه قد تؤدي إلى اتخاذ خيارات مرة بخصوص الأطفال المواليد.
بحسب هشام نهرو، من صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن، فإن امرأة يمنية تموت كل ساعتين أثناء عملية الولادة لأسباب يمكن الوقاية منها، طبقًا لتقرير أعده لهيئة الإذاعة البريطانية من اليمن شارلين آن رودريغيز، ونُشر في الـ23 من مايو الماضي.
وأدت الحرب الكارثية التي شنتها المليشيا الحوثية إلى تنامي ظواهر خطيرة، لم تتوقف عند ظواهر بديهية للحرب كالاتجار بالمخدرات من قِبل المليشيا الحوثية؛ بل ضربت قيم المجتمع والتزاماته وصنعت فجوة عميقة بداخله ساهمت في تنامي ظواهر عدة كالتخلص من الأطفال تحت وطأة الفقر والجوع، أو زواج القاصرات لنفس السبب، وحتى الإصابات النفسية المتزايدة والانتحار وغيرها.