أشاهد إعلام الكهنة (مليشيا الحوثي)، وهم يحتفون بساعة إضراب نفذها تجار المخا قبل أيام وأضحك، أضحك بهستيريا على الذين سلبوا التجار كل تجارتهم وضايقوا القطاع الخاص إلى حد إنهائه لصالح هواميرهم، وهم يتداولون خبراً يعبّر عن الحرية والعدل والمساواة في المخا والحق المكفول لكل مواطن لتنفيذ أي إجراء ضد أي تصرف خارج عن نظام وقانون المجتمع والأطر المنظمة ومصالح الناس، وهذا ما يحدث.
 
قبل أيام، سمعت بالذي حدث، أن ضابطاً في المشتركة أغلق مطعم الراسني، مطعماً شهيراً، لخلاف شخصي بينهم، وعندما شاهدت الإضراب الذي استمر ساعة من قِبل التجار كان رأيي وكان قلمي معهم، وكل فرد منا وقف بجانب التجار، وتحركت القيادة وحسمت الأمر وأنهت الخلاف وكفلت للمطعم كامل حقوقه، وتلاشى كل الإضراب.
 
الإضراب دلالة على وجود سلطة محترمة، قانون يكفل الانتصاف، وإجراء حضاري تكفله كل القوانين، ولا يتخذ أي قطاع هذا الإجراء إلا لعلمه أن هناك سلطة تستمع له وستتفاعل، وتقوم بردع المخطئ، وفي الأنظمة القمعية وسلطات الفيد لا يوجد أي نوع من الإضراب؛ فلو حدث ذلك سيتعرضون للتنكيل، والنهب، والسلب، وبتهمة الخيانة العظمى.
 
صحيح، لا توجد إضرابات في صنعاء، وكل المدن المحتلة، مجتمع اليمن الخاضع للمليشيا رغم تعرضه لكل النهب والسلب ومصادرة كل حقوقه يعجز عن التعبير والتلويح بالإضراب، وهذه دلالة على أن القمع والتنكيل تجاوز حدوده، فمن خسر كل شيء في رهانه مع الطغيان، روحه وماله، لا يمكن أن ينفذ أي إضراب، ولا يمكنه التفكير.
 
اللافت، هو الخطاب الواعي لأبناء المخا، وللقطاع التجاري؛ حملوا التصرف الفردي شخصه فقط على عكس ما ألفناه حول اليمن، وهنا حتى في سنوات الرماد، وتحميل تصرف فردي على المكون الذي ينتمي إليه، واللافت أيضاً هو التعامل غير المكرر بمكان آخر من المقاومة، والانحياز على حساب فرد من المشتركة للتجار، كل فرد يزر وزره.
 
هذا الحدث البسيط علمني عكس كل شيء، مدى توافق السلطة والمجتمع، الجيش والتجار، وللقائد كلمته الفارقة في جعل الساحل الغربي ملاذاً آمناً لرؤوس الأموال، ويجب أن يُحتذى بهذا النموذج، بشدة.
 
التجار في المخا يكسبون الذهب، لم يحدث أن تعرض أحدهم أو أصغرهم لنهب أو فيد، وحدث عرضي لا يتعلق بالنهب أمر طبيعي يحدث في أكثر الأماكن في العالم أمناً وتطوراً، والمخا، يمكن قول وتصريح هذا البيان القيسي للعلن: البلاد الأولى أمناً في اليمن.
 
أربع ساعات فقط، أمس الفائت، ولا زالت أكاذيبهم متداولة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية