الدكتور صادق القاضي يكتب الـ" وكالة 2 ديسمبر" : صفقة تبادل الأسرى.. فرحة.. ولكن!
لا أجمل هذه الأيام في اليمن من طائرات "الصليب الأحمر" التي باتت بالنسبة لكثير من العائلات والأُسر اليمنية أشبه بعربة "بابا نويل" المجنحة، في عيد الميلاد، وفي مقابل هدايا "بابا نويل" للأطفال.. هذه الطائرات تلبي أكبر أماني الأطفال والكبار، الرجال والنساء.. في هذه الأُسر والعائلات، وتهديهم ذويهم المحرومين منهم منذ سنين طويلة.
هذه الطائرات تحمل على متنها الأسرى. في عملية تبادلهم بين حكومة الشرعية والجماعة الحوثية. لا خلاف على القيمة الإنسانية العالية لهذه العملية التي تتعلق بمئات العائلات والأُسر من مختلف أرجاء اليمن. ستحتفل بعودة أبنائها أو آبائها أو إخوانها الذين مضى على بعضهم حوالي ثماني سنوات في الأسر، بعيداً عن أهلهم وذويهم.
كثير من هؤلاء مدنيون: ناشطون، وصحفيون، وسياسيون.. تم القبض عليهم، وإخفاؤهم في أماكن مجهولة، ولم يسمح للمنظمات الإنسانية الدولية بزيارتهم والاطلاع على ظروفهم، بل لم يسمح لهم حتى بالتواصل مع أسرهم، لمعرفة إن كانوا أحياء أو أمواتاً.!
كثير منهم أيضاً، كالأسرى لدى حكومة الشرعية وبعض الأسرى لدى الجماعة الحوثية، أسرى حرب، عسكريون تم القبض عليهم خلال المعارك والمواجهات، وقد أطلق الكثير منهم حتى الآن، على رأسهم: وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي، واللواء ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي.
تم أيضاً إطلاق محمد محمد عبد الله صالح، وعفاش طارق محمد عبد الله صالح، أخ ونجل العميد طارق محمد عبد الله صالح، رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، وعضو مجلس القيادة الرئاسي، تم أسرهما خلال مشاركتهما الباسلة في انتفاضة 2 ديسمبر 2018م المجيدة، بقيادة الزعيم الراحل علي عبد الله صالح.
لم يكن هذان الأسيران الحميمان بالنسبة للعميد طارق صالح، نقطة ضعف، وكما يبدو من تصريحاته وتغريداته وخطاباته خلال السنوات الماضية.. لم يكن معنياً ببعض الأسرى دون غيرهم، وفي تغريدته على التويتر بالمناسبة. أكد مشاركته العائلات اليمنية بهذه الفرحة، على أمل اكتمال تبادل الأسرى "الكل مقابل الكل"، والإفراج عن جميع المعتقلين دون شروط.
يعلق كثيرون الكثير من الآمال على هذه العملية، كثمرة ناضجة لجهود المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، ودول الخليج، والزيارة الأخيرة للسفير السعودي إلى صنعاء، والجولة الجديدة من المباحثات التي أجراها الطرفان في سويسرا برعاية أممية منذ بداية الشهر الماضي.. باعتبارها خطوة مهمة للوصول إلى حل شامل في اليمن.
لكن.. في المقابل. هناك كثيرون يرون أن هذه العملية قد لا تكتمل في ذاتها، فضلاً عن كونها ستفضي إلى غيرها. فهي، وإن كانت هي الأكبر من نوعها، وستشمل الإفراج عن المئات من الأسرى، بمن فيهم أسرى من السعودية والسودان، وبعض جثث القتلى.. يمكن استبعاد أن تشمل إطلاق جميع الأسرى والمعتقلين المدنيين والعسكريين لدى الجماعة الحوثية.
الأسماء المتفق عليها في هذه الصفقة لا تتجاوز الـ(900). في حين يوجد في سجون الجماعة الحوثية آلاف من المعتقلين والمختطفين والمخفيين قسراً، من الجنسين، ولا سيما المعتقلين المدنيين، تم اعتقال كثير منهم لأسباب سياسية أو فكرية أو اجتماعية.. ولا علاقة لهم بطرف الشرعية.
هذا فضلاً عن النساء اللواتي تم اعتقالهن بشكل تعسفي، لأسباب تتعلق بنوعية الفكر المتطرف والأيديولوجية الشمولية للجماعة الحوثية، وموقفها من الحريات العامة والقيم الاجتماعية، وما زلن في السجون الحوثية منذ سنوات دون محاكمة أو تهم رسمية محددة، أو وجود طرف محلي أو دولي أو أممي يتبنى قضيتهن.!