إلى جانب أن هذه الجماعة،مليشيا الحوثي الإرهابية، أغرقت البلاد في مستنقع الحرب وإجبار المجتمع للمضي معها كوقود في حربها، دأبت من الناحية الأخرى على تبني منظومة إفقار واستلاب ونهب ينخر بنية المجتمع مادياً ويستحوذ على مصادر دخله اقتصادياً، واعتماد منهجية السطو وانتزاع ممتلكات الغير بدون وجه حق، وإنهاك المواطن الذي يقتات من مصدر دخل بعينه سواءً كان تاجراً أو بائعاً أو صاحب محل أو فراشاً بجبايات وإتاوات لا حد لها ولا طاقة لهذا المواطن بالخلاص بتسديدها في ظل ركود اقتصادي وغلاء معيشي وانعدام الحركة الشرائية التي بلغت حد الركود التام.
 
وما يهم هنا أن هذه الجماعة لديها هدف محدد وخطوط عريضة تسعى بكل السبل لبلوغها، وتتمثل بيقينها المطلق أن بقاءها واستمرار وجودها يرتبط ارتباطاً كلياً بقدرتها على إسقاط المجتمع اليمني إلى قعر الفقر وتجريده من كل ممتلكاته، وسلبه منابع بقائه في مناطق سيطرتها، فهي تستشعر تذمرها وضيقها إزاء من يملك الأرض أو العقار أو الشركة أو المعرض أو المحال التجارية الصغيرة، لأنها تتحسس من امتلاكه لثروة خاصة وهي تفتقرها، فذلك في نظرها غير منطقي، فكيف لمثل هؤلاء وهم ليسوا من سلالتها حيازة رأسمال، والأولى حسب عرف السلالة أن الأفضلية والامتياز يجب أن يكون حكراً على ما يسمى "آل البيت" أما  الشعب فمجرد سخره للآل كما كان الحال في عهد الإمامة البغيض حيث حيث السلالة هم الأثرياء، وهم أباطرة الجاه والمال، ورموز القداسة والبذخ والشعب يعيش حياة القرون الوسطى أو ما قبل التاريخ.
 
ومن هنا فإن مليشيا الحوثي ابتكرت أفظع الأساليب التي تزيح أمامها هذه الغصة، فتارة تغلفها باسم مؤسسات الدولة وتارة أخرى تتخذ طريقة السطو المباشر والنهب المسلح، وكم سمعنا عن ادعائها ملكية آلاف الفدانات في تهامة وفي بني مطر وآخرها في منطقة عصر في صنعاء، وفي بني حشيش وفي همدان.. هذه القضايا التي لاقت صدىً إعلامياً، لكن هناك استراتيجية شاملة جسدتها عن طريق وزارة الأوقاف، وزارة التجارة، وزارة النقل، في حكومتها غير المعترف بها  تستند على هدف ثابت ومحدد غايته تقليل نسبة الملكية المادية والمستوى الاقتصادي لكل فئات الشعب وامتصاص الجزء الأكبر من أموالها وممتلكاتها تحت أي مبرر لكي تأتي اللحظة التي يتحول الشعب إلى شحاذ في عتبة هذه السلالة وحينها سيسهل عليها السيطرة عليه وكبت أنفاسه إلى الأبد.
 
وفوق كل هذا النهب المستميت بحق اليمنيين لم تتخل هذه الجماعة الإرهابية عن فكرة "الخُمُس" ومجاهرتها باعتباره من شرائع الإسلام التي نصت على أحقيتها للسلالة ووجوب انتزاعها من كل مسلم، وفي الأسابيع الماضية نشرت الجماعة بيانات تتعلق بهذا الخمس ومواطن وجوبه في كل الممتلكات، وعلى ضوء ذلك يمكن النظر لهذا الموضوع من زاوية أخرى حيث يتبين أن اليقين بفرض الخمس عزز لديها طبيعة الاستلاب ومصادرة حق الآخرين، كذلك أثبت هذه السلالة على امتداد تاريخها الطويل هي مجرد عالة وعبء ثقيل على الأمة مهمتها أخذ مال الآخر كما وتزعم أنها من نصوص الدين.
 
فيمنياً نجد أن الجماعة في ظل النظام الجمهوري منذ ثورة 26 سبتمبر الخالدة حُرمت من هذا النهب، وانكمش مستواها الاقتصادي كثيراً، والآن حين آلت الأمور إليها وأصبحت تتحكم بمقاليد السلطة في إطار مناطق سيطرتها أرادت الانتقام من الشعب وإشباع سنوات حرمانها من الجاه والمال، وفي مكنون نفسها أن تثأر لذاتها وتعوض مصادر دخلها وتطمح في ظرف وجيز أخذ كل شي ، مستعيدة مكانتها الباغية من البذخ والنعيم وتحقيق مستواها المثالي الذي يجعلها متميزة والشعب مجرد عبيد
 
والحقيقة المُرّة التي يمكن أن نستشفها من هذا السياق أن هذه الجماعة منذ انقلابها المشؤوم لم تهتم بأمر كاهتمامها بالسيطرة على المال العام والخاص بصورة مريعة وفرض لوائح وإتاوات تتيح لها نهب كل ما يمكن نهبه واختلاس مهوول حتى بلغ ثراؤها حد الفحش وتكدست الأموال المنهوبة معها حد التخمة بينما انهار الشعب حد المجاعة والفقر المدقع، وهذا الوضع هو حلمها اللذيذ الذي كان يؤرقها لسنوات وقد أصبح للتو حقيقة واقعية، فالسلاليون وعناصر الحوثية يعيشون أزهى عصور الاستحواذ على كل القطاعات العامة والخاصة وتكدس الثروة ويقتصر الأمر على نسبة ضئيلة بينما غالبية الشعب في مأساة إنسانية مؤلمة، وأصبح الوضع العام مشطوراً بين طبقة سلالية متخمة بالمال وأغلبية ساحقة غارقة في الوحل، وهذا الأمر جعل رضوخ الشعب لها فعلاً إجبارياً مدروساً ومنسقاً تنسيقاً دقيقاً، ومن الضرورة بمكان زحرحة هذه المعضلة من قبل الداخل والخارج والقائمين على القضية اليمنية قبل أن تفقد اليمن بوصلتها إلى ما لا نهاية.

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية