المكحل نموذج إلهام ثوري بامتياز.. 
لن تمر حكاية الشاب الثائر الملقب بالمكحل مرور الكرام في الوجدان الجمعي، وإنما ستظل تحفر إيقونة نضال وكفاح حتى في اللاوعي لعامة الشعب وخاصته، كونها جسدت دوراً بطولياً ملهماً وألهبت حماس الجماهير كاسرة حاجز الخوف والرهبة ومحطمة قيود التضحية في وجه سلطة متجبرة وقامعة وفاجرة في انتهاكها وبطشها، ولذا كانت الجنازة الصادمة لبطل الحكاية محاكية لنفس دوره وفاعلة في ترجمة صرخته ضد السلالة الحوثية، أي أنه استطاع ترك أثر مهوول خلال ظرف وجيز دون أن يحشد له أتباعاً أو يبحث له عن مؤيدين لنضاله.
 
ومن هذه الزاوية بالتحديد يتولد لدينا يقين بأن الفعل الثوري ينبثق كشرارة ويقرع كبرق ويصدح به بطل من عامة الشعب المغمورين المقهورين الذين يستشعرون تساوي الحياة والموت حين يبلغ الظلم أقسى مستوياته، وهنا كانت دعوة المكحل للعدو أنه لا يخشى الموت ولا مفر أمامهم إلا قتله لإسكات صوته وكتم غيضه وإخماد غضبه، أما هو فعلى يقين بأن حياته تقرر مصيرها بقول كلمة حق وبعث الأمل وتحفيز الهمة ورفض الخنوع لسلطة فتكت بكل شيء ولم يعد مهادنتها محتملاً أو البقاء في ظل وجودها ممكناً، ولذا مضى شامخاً شجاعاً لملاقاة مصيره بأنفة وكبرياء دون خوف أو تردد.
 
مثل هذا النموذج لا يمكن أن يخفت أو يتلاشى بل سيشكل نواة أولى لميلاد ثورة ومقاومة وطنية تتجذر كوعي وطني مُلح يعبر عن صحوة ضمير واتقاد مشاعر لا تكبح ويعمل على اتساع مساحة الرفض المناوئة لمشروع السلاليين وسيجعل طبيعة التذمر والنبذ علنية وساخطة ويمتص حالة الخوف والارتجاف الذي تأصل في الواقع نتيجة القمع الوحشي البربري الذي نال المناطق الواقعة في قبضة السلالة ومنها إب التي نالها نصيب الأسد من ذلك البطش.
 
ومن هنا فإن العصابة الحوثية أفزعها هذا الإلهام الثوري الذي صنعه حمدي المكحل وأرهبتها ردة الفعل الإبيّة الغاضبة التي أعلنت بكل بسالة وثبات رفضها وبغضها لهذه العصابة بأصوات مئات المشيعين للدرجة التي لم يكن يخطر في بال العصابة أن الأمر سيصل لهذا الحد المثير لمخاوفها وهواجسها، لكنها لم تدرك معنى إرادة الشعب ولم تعمل لذلك حساباً من قبل، وقد حاولت وهي ترتجف وترتعد من موجة الغضب العارمة أن تقابله ببيان هزيل مفاده: "أن المكحل قتل نفسه وهرب" هذا ما فهمناه جميعاً، وهذا دليل على كونها في حالة تخوف شديد إزاء ما جرى.
 
وعليه فمنذ يوم الجنازة ما تزال تلك العصابة الواهنة تفرض طوقاً على المدينة القديمة في إب وتضيق الخناق على حارة هذا البطل، تعتقل جل الشباب المشارك في التشييع وباعتقادها أنها بذلك ستغلق صفحة مخيفة أقلقت سكينتها وأنها مجرد حدث عابر يضاف إلى مجمل الأحداث التي ثارت ضدها.
 
ما تجهله الحوثية أن المحكل طارت حكايته الآفاق ويستحيل نسيانه وإنما ستتعزز صورته الملهمة شتى البقاع المسيطرة عليها، وسيثير نموذجه هذا حماس الشعب وسيولد انتفاضة شعبية قادمة قريباً من هنا أو هناك
 
المجد والخلود للمكحل شهيداً وطنياً عظيماً وأنموذجاً ملهماً واسماً لامعاً في تاريخ النضال والكفاح اليمني ضد الحوثية العنصرية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية