لندرك ماذا يعنيه "المكتب السياسي للمقاومة الوطنية"، علينا العودة بالذاكرة إلى الوراء، لاستعادة المشهد السياسي والعسكري في اليمن، قبل سنوات قليلة ماضية، أواخر 2017م على الأقل. حينها: كان كل شيء قد وصل إلى طريق مسدود، توقفت جبهات المقاومة، وبدأت الفصائل السياسية تأكل بعضها، وسيطر اليأس على الجميع، على المستويين المحلي والدولي. بشأن دحر الجماعة الحوثية التي بدا أنها سيطرت على كل شيء إلى الأبد.
 
وفجأة.. أعلن الزعيم الراحل "علي عبد الله صالح"، انتفاضته العظيمة في ديسمبر 2017م، فقلب الطاولة على كل الأطراف، وعلى ضوء معرفة الجميع بشخصه وشخصيته وتاريخه، انتعشت النفوس وانبعثت الآمال، من جديد. حتى ألد أعدائه، تركوا يومها كل ضغائنهم جانباً، ورأوا فيه بحق المخلص والمنقذ الأخير.
 
من تلك الانتفاضة المباركة، تشكلت "المقاومة الوطنية في الساحل الغربي"، وخلال فترة وجيزة حررت المناطق الساحلية من مفرق المخا  إلى قلب شوارع مدينة الحديدة، موجهة إلى الجماعة الحوثية ضربات قاسية سريعة متتابعة مربكة دفعتها إلى الانبطاح أمام بعض القوى الدولية التي أسعفتها، ودفعت الجميع إلى استكهولم.
 
لم تكن "المقاومة الوطنية في الساحل الغربي"، مجرد إضافة رقمية جديدة إلى فصائل المقاومة المسلحة في اليمن، بل إضافة نوعية مختلفة. كانت بمثابة الدماء الجديدة التي ضُخت إلى شرايين المقاومة اليمنية، وأخرجتها من حالة السبات الذي بدا حتمياً، ومن تاريخه وهي رأس الحربة في مقاومة الكهنوت الإمامي.
 
وكان لا بد للمشروع الوطني التحرري  الذي تتبناه هذه المقاومة الميدانية العنيدة الباسلة، من عنوان وغطاء ورافعة سياسية.. وهكذا تم في 25 مارس 2021م. تأسيس "المكتب السياسي للمقاومة الوطنية"، على ضوء حقيقة أن "الانتصارات العسكرية والإنجازات الميدانية، إن لم يرافقها عمل سياسي يظهرها ويحافظ عليها فلا معنى لها". 
 
وبدوره لم يكن "المكتب السياسي للمقاومة الوطنية"، مجرد رقم إضافي للخارطة السياسية في اليمن، بل إضافة كيفية نوعية، عبرت عن تميزها منذ البدء بإخراج قضية المقاومة من هاوية المشاحنات والمهاترات والصراعات البينية التي كانت قد ارتكست فيها، إلى آفاق فسيحة واعدة من التعاون والشراكة والوحدة الوطنية.
 
من تاريخه، وحتى هذه الذكرى الثانية لتأسيسه، جسد المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، بقيادة العميد "طارق محمد صالح" عضو مجلس القيادة، رئيس المكتب السياسي، التزامه الصارم بحدود قضيته الوطنية، وتأكيد الثوابت الوطنية، والحفاظ على "إرثنا الجمهوري التعددي الذي أنجزته الحركة الوطنية، وعليه واجب النضال ومساندة الجبهات لاستعادة النظام السياسي الذي استهدفته ذراع إيران". 
 
ولأن أسوأ ما ارتكبته الجائحة الحوثية هو تقويض الدولة، وهدم البني التحتية، وتدمير التنمية.. فإن أحد أفضل ما قدمته المقاومة الوطنية والمكتب السياسي، هو استعادة الدولة على الأرض، بترسيخ الأمن وتفعيل النظام والقانون، وإصلاح ما دمرته الميليشيا من بنى تحتية، فضلاً عن تدشين طفرة هائلة من التنمية شملت عدداً كبيراً من المشاريع والمؤسسات الخدمية والتعليمية والصحية والمدنية..
 
هذه هي المقاومة الوطنية وهذا هو المكتب السياسي، كيان وطني واحد يحمل بندقية صلبة محترفة ملتزمة بيد، ويحمل باليد الأخرى مشروعاً سياسياً وطنياً وسطياً ناضجاً، ومشروعاً تنموياً كبيراً، ويؤكد عملياً في كل مناسبة التزامه السير بخطى ثابتة في ترسيخ مبادئ الديمقراطية والتعددية ووحدة الصف الوطني وتجسيد الشراكة الوطنية، و"دعوة كل القوى السياسية إلى مزيد من التلاحم الوطني والشراكة الفاعلة لترسيخ نهج التعددية السياسية كحق يكفله الدستور بعيداً عن مزاعم الحق الإلهي في حكم الشعب بقوة السلاح وخرافة الولاية".

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية