مليشيا تعتاش على دماء اليمنيين قتلاً وتنكيلاً، حتى عندما تريد إظهار وجه ملائكي يغسل بعض جرائمها فليس بعيداً عن الدماء أيضاً، إذ تزايد من فينة لأخرى على إنهاء قضية ثأر بين أسر يمنية، عبر مهرجها المدعو محمد علي الحوثي.
 
تبين من تتبع الإعلام الحوثي أن كثيراً مما تزعم المليشيا الحوثية حلها على أنها قضايا ثأر ليست إلا جرائم ارتكبتها عناصر تابعة لها، وأن ما تدعيه من عفو أولياء الدم طوعاً هو في حقيقته تنازل تحت إكراه الإرهاب الحوثي.
 
مسرحية الثأر
 
المليشيا الحوثية تحرص على إظهار جرائم القتل التي ارتكبت وتُرتكب منذ انقلابها على الدولة على أنها قضايا ثأر، متسترة في كثير من القضايا على الجناة الذين عادة ما يكونون من عناصرها، فتتحفظ على المجرمين لديها، وتوفد رسلاً إلى أسر القتلى لحل المسألة قبلياً، وما تلبث أسر الضحايا أن تخضع للضغوط الحوثية، ليأتي الفصل الأخير من مسرحية الإرهاب بترتيب موقف كرنفالي أمام عدسات الإعلام المليشاوي تعلن فيه الأسر عفوها عن القاتل والصلح قبلياً بإشراف هذا القيادي الحوثي أو ذاك. 
 
عفو عن مجهولين
 
مساء الأحد 16 أغسطس/آب 2015، قتل مسلحون حوثيون عبد الله محمد أمين الشلح، الشيخ القبلي والقيادي في المؤتمر الشعبي العام بمديرية السياني التابعة لمحافظة إب، واثنين من أفراد أسرته، عند خروجه من بيته في منطقة عدن الأشلوح.
 
بعد أكثر من سبع سنوات على الجريمة، تعلن المليشيا التوصل إلى إنهاء القضية باعتبارها ضمن قضايا ثأر يدعي حلها محمد علي الحوثي صاحب الامتياز الأول في تصدير صور ومقاطع إنهاء قضايا الثأر في اليوتيوب، وذلك دون أن يسلم القتلة حتى للقضاء الخاضع بكل مفاصله لسيطرة المليشيا.
 
وعند "المهجم القبلي" الثاني، يوم الأربعاء 14 ديسمبر الماضي، نقلت وكالة الأنباء الرسمية الحوثية على لسان المدعو محمد الحوثي "إنهاء القضية وإغلاق ملفها إلى الأبد".
  
وفي تناولها للخبر لم تسمِ الوكالة الجناة المعفو عنهم مكتفية بالقول إن أسرة المجني عليهم "المشايخ: عبدالله الشلح وصادق الشلح وبكيل الشلح" أعلنت "العفو عن الجناة في القضية لوجه الله، وتشريفاً للحاضرين".
 
المعلم مقتولاً
 
 
وفي جريمة غريبة على المجتمع اليمني، اقتحم مسلحون حوثيون مدرسة كيان في منطقة السبعين بصنعاء واعتدوا بالضرب على المعلم فيصل الريمي، ما تسبب في وفاته بعد ساعات من الاعتداء في 18 ديسمبر/ كانون أول 2019.
 
حاولت المليشيا الالتفاف على قضية الريمي الذي قُتل على يد المسلحين التابعين للقيادي الحوثي المدعو مراد ناصر جبران الفقيه، المتذرع بضرب المعلم لابنه التلميذ في المدرسة.
 
مرت أربعة أشهر فقط على الجريمة، حتى تناقلت وسائل إعلام المليشيا خبراً مفاده أن "عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، أشرف على صلح قبلي لإنهاء قضية مقتل المعلم فيصل الريمي".
 
وبذات الأسطوانة لم تنس وسائل الإعلام تلك أن تقول بأنه "في الصلح القبلي أعلن أولياء الدم من آل الريمي ومشايخ وقيادة محافظة ريمة العفو عن الجاني من آل الفقيه لوجه الله تعالى".
 
إثارة قضايا ميتة
 
ليس لجماعة إرهابية نشأت على الجرائم والفتن أن تسعى لإنهاء أية قضايا ثأر، بل إنها تسعى لتأجيجها ما أمكن، وقد يبلغ بها الحقد نبش قضايا انتهت وصارت محض خبر، من بينها ما روجته خلال السنوات الأخيرة عن قضية حدثت في سبعينيات القرن الماضي، إذ نظمت مليشيا الحوثي في نوفمبر المنصرم، عبر ما تسمى وزارة حقوق الإنسان، مؤتمراً صحفياً لاستعراض ما قالت إنها جريمة ارتكبت في حق أسرة آل الورد بمحافظة إب قبل أربعة وأربعين عاماً، واصفة إياها بهولوكوست اليمن، ما يؤكد أن المليشيا ماضية في تفخيخ المجتمع اليمني بقضايا الثارات والزج بقبائل اليمن في أتون حروب قبلية لا تهدأ نارها، كالحرب التي حدثت مؤخراً بين قبائل سفيان وقبائل ذو محمد، أو بين قبائل أرحب وقبائل بني الحارث، وغيرها من الحروب والثارات القبلية، في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية