دماء الصُّليحي.. وفاء المقاومة وعزاء البعثة الأممية
لقد كان العقيد محمد الصليحي نموذجًا للرجل المقاوم المدافع عن الحرية والكرامة، الغيور على أرضه ووطنه، يملك من الوعي الجمهوري ما يغذي ألف مقاتل وبمعنويات عالية.. كانت طروحاته ونقاشاته أثناء الاجتماعات بعناصر الحوثي في نقطة الرقابة الخامسة بمدينة الحديدة، تربكهم وتلجمهم، ولم تختَره قناصة المليشيا الحوثية مصادفة؛ بل كانت متربصة به ومترقبة للحظة التي أوجعت قلوبنا، فكانت طلقة غدر جبانة، وليست بجديدة على عصابة تمتلك من رصيد الغدر الكثير.
لقد كشفت دماء الشهيد الصليحي زيف الادعاء الأممي بوقف تحرير مدينة الحديدة للغرض الإنساني، وأن وراء ذلك حرصًا على بقاء المليشيا الإرهابية في الحديدة، ونتاجًا لتلك المسرحية دفع اليمني المقاوم والمواطن الكلفة أكثر بكثير من تلك التي كانت ستحرر ما تبقى من المدينة، كما ظهر جليًا خلال المرحلة التي أعقبت ذلك الاتفاق الخائن والغادر المسمى اتفاق السويد (ستوكهولم).
بدا واضحًا حجم التراخي الأممي، والتغاضي عن جرائم المليشيا الحوثية؛ بل يمكن القول، التواطؤ مع المليشيا ومخططاتها الإجرامية، وهو ما يؤكده تخلي الأمم المتحدة ولجنتها عن مسؤوليتها التي تفرض عليها اتخاذ إجراء رادع أمام استهداف الحوثي للصليحي الذي كان أحد أعضائها، فهو واحد من ضباط الارتباط الأممي، لكنها بدلًا من ذلك لم تُصدر حتى بيان إدانة للجريمة التي لم تحدث إلا حين أصبح ضمن الفريق الأممي!!
ولكن ما يجعلنا نشعر بالفخر والاعتزاز لانتمائنا للمقاومة الوطنية، هو كل الجهود التي قامت بها قيادة المقاومة في محاولة إنقاذ حياته، ولا تزال القيادة ممثلة بقائدها العميد الركن طارق محمد عبدالله صالح، عضو مجلس الرئاسي، حريصة على ألا يشعر أبناء العقيد الصليحي بفقدان والدهم البطل حتى اللحظة، وجعل قضيته من أولويات كل لقاء بالبعثة الأممية، ولولا جهود قيادة المقاومة لما شاهدنا، أمس، زيارة نائب رئيس البعثة إلى أسرة الشهيد، ولو بعد ثلاث سنوات من استشهاده، معزية.
وليس الصليحي فقط من تتلمس قيادة المقاومة وتتفقد أحوال أسرته؛ فجميع جرحى وشهداء المقاومة أولوية لديها، وهذا الفضل بعد الله للقائد الإنسان، العميد طارق صالح، الذي يحمل قضية وطن وشعب.