عن مدن المستقبل اليمنية
اليمن الجديد يتمثل في المخا وشبوة ومأرب، فهذه المدن كانت هامشية وصارت الآن مدن البلاد الأولى وستصير أكبر وأكبر.. هكذا هي الحرب تُسقط أشياء وتُعلي أشياء وللمدن دورة حياة كما للأشخاص؛ سقوط وعلو، والمدن الكبرى المعروفة لن تبقى كما هي كبرى ومقصد الناس.
ضاعت مكة والمدينة رغم القداسة الدينية بعد النبي بعقد فقط، وتحوّلت الفاعلية إلى مدن جديدة مثل الكوفة والبصرة وإلى الشام الجديدة، وتكونت الفسطاط والقاهرة بديلًا لمدن مصر الأولى، وكانت القيروان الجديدة هي الحاضرة للمغرب العربي كونها مدينة من حرب.
وقبل هذا كله، فالعالم يتجه للشريط الساحلي.. انتهت عصور البُعد والجبال والقرى المكوّمة في الوعورة، فهذا عصر السهولة رغم كوني أحب الجبال، وابن الجبال أنا؛ ولكن هذه هي الحقيقة وكل مجتمع جديد يكون مقتبلًا بحرًا.. ويتكون الآن في السواحل.. والمخا مستقبلها أضمن كونها تتمتع بمزايا أكثر.. وكونها مناسبة لبناء مجتمع اقتصادي فاعل، فهي بمنتصف العالم البحري وليس اليمني فقط، ولإشرافها على مجمل ملاحة العالم. ومساحة الساحل الغربي الشاسعة المنبثقة بجد وعمل كبيرين ستحولها إلى مصافٍ كبرى وبداية جليلة من الصفر.
على اليمني فقط التفكير بجدية، كان اليمني يسكن الجبال فقط للهرب من الحرب وللتحصن من الغارات؛ ولكن العالم الجديد لم يعُد يحصنك في رأس جبل أو قُلّة، والحروب الجديدة حولت من هم أعلى لهدف أكثر ممن هم أسفل، ولا فرق بينك وبين من يسكن الساحل من ناحية الخوف على نفسك، غير أن عقلية اليمني لا زالت هي ذاتها منذ القرون البعيدة ويصعب عليه مغادرة جذوره، وهذه هي التي حالت ولعقود دون تنمية السواحل، فليست الدول ولا الفساد ما منع التنمية بالسواحل؛ بل العقلية اليمنية التي لم تغادر قوقعتها، إذ إن كل تنمية تشاركية بين المكان والسلطة والمجتمع، والمجتمع لم يكن يرى ذلك.
رأس المال يجب أن يتجه، مهما كان قليلًا، وهناك بنى تتيح لك المغامرة بل والربح بالذهاب ناحية السواحل، على البقاء في قوقعة تحت سيطرة النهب والسلب، وتلك بلادنا المحتلة وستبقى بلادنا ولن نتخلى عنها، ولكن للنجاة براسمالك عليك أن تدرك أين يكمن كل المستقبل.
أهمية المخا تتعزز على مستوى النقل كامله، بريًا وبحريًا وجويًا.. الكدحة تتعبد والمطار يكتمل والميناء يتحول إلى ميناء دولي وهناك عمل شاق ومثمر.. بإمكان كل شخص أن يشتري أرضية.. أن يحجز لنفسه مكانًا هناك للمستقبل وأن يكون بعضًا من هذه الحركة التنموية.
هذه نصيحة مني للناس .. مجرد محب يشارك ما يرى لأصحابه.