تقرير| حينما يصبح القضاء وسيلةً حوثيةً لإزهاق أرواح المناوئين والتنكيل بهم
في السابع من ديسمبر الجاري، أصدرت مليشيا الحوثي أحكاماً تعسفية طالت اثنين وثلاثين سجيناً من أبناء محافظة صعدة، عبر المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة في العاصمة المختطفة صنعاء، تضمنت الأحكامُ إعدام ستة عشر سجيناً، وحبس الآخرين لمدة تتراوح من عشر إلى خمس عشرة سنة مع وضعهم تحت رقابة الشرطة لمدة "ثلاث سنوات" متتالية من تاريخ انقضاء عقوبة الحبس الأصلية، وتغريمهم مبالغ مالية باهظة تراوحت ما بين (عشرة إلى خمسة عشر مليون) ريال يمني كضمانة من كُفلاء.
"التجسس وإعانة العدوان" تهمتان جاهزتان تلفقهما المليشيا السلالية لإدانة خصومها السياسيين والمناوئين لها من عامة الناس؛ هذه المرة كان ضحاياها من معقل المليشيا الإرهابية "صعدة" التي حولتها إلى سجن سياسي شديد الرقابة، تبطش بأهلها وتنكل بكل الأصوات الرافضة لتاريخها وسلوكها المتطرف- بعد أن شردت رموز صعدة ومشايخها- لكن الحوثية عملت على إفساد القضاء وتوريطه معها؛ لكي تظهر الأمر على أنه قانوني يسلكُ مسار العدالة.
لقد اتخذت المليشيا القضاء الذي يُفترض أن يظل سلطةً مستقلةً إلى أداة انتقام سياسية، ولتقنين منهجها الدامي في الانتقام من الخصوم بالسجن والخطف والقتل.. وتعمدت توظيف القضاء لدوافع ترهيبية ورسائل مضمرة توصلها لكل من تسول له نفسه التمرد عليها، لتكتمل بذلك صورتها الإجرامية السرية والعلنية للتخلص من المعارضين وكبت أنفاسهم.
هذه الأحكام، أثارت موجات استنكار وسخط عارمة في الوسط اليمني الداخلي والخارجي، حقوقياً وإنسانياً؛ كونها تخالف مبادئ وشروط المحاكمة العادلة، ولم تستند إلى أي دليل قانوني، إلى جانب أنها تشكل اعتداءً خطيراً على الحق في الحياة والسلامة الجسدية.
منظمة سام للحقوق والحريات، قالت إن المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء "مستمرة في تنصيب نفسها أداة من أدوات الصراع السياسي والعسكري، ولم تعُد ساحتها مكاناً للإنصاف القضائي"، وإن تكرار المحاكمات التي تعقدها مليشيا الحوثي تتوازى "مع صمت دولي مقلق تجاه تلك المخالفات الصارخة، الأمر الذي تعتبره تلك الجماعة غطاءً ضمنياً لجرائمها المتكررة بحق المدنيين، لاسيما ممارسة الإعدام خارج إطار القانون".
ولطالما كان القضاء وسيلة المليشيا السلسة في قمع وإرهاب المعارضين، وقد عملت بعناية فائقة على محاولة تصوير القضاء بأنه مستقل ونزيه وحاضر في القضايا الحاسمة؛ من خلال استغلال قضايا جنائية مثارة على مستوى الرأي العام لإظهار حالة من الإبهار في العدالة المصطنعة تسيطر من خلالها على حماسة الرأي العام وبث حالة من الإدهاش والإعجاب في الوسط العام، كما حصل- على سبيل المثال- في قضية "الأغبري".
في النقطة المعتمة، والتي تشكل مستنقعاً قضائياً يُلقى إليه آلاف من الأبرياء دون هوادة، انتقاماً منهم لصالح مليشيا الحوثي، سُجلت الكثير من نماذج توريط وتوظيف القضاء في خدمة المليشيا، كما حدث مع أبرياء من تهامة أُعدموا تِباعاً بتهمة اغتيال الصريع صالح الصماد، وأحكاماً ضد صحفيين وحقوقيين ومدنيين أبرياء تُزهق أرواحهم بتهم باطلة.