122 مليار ريال سنوياً.. تفاصيل نهب مليشيا الحوثي مؤسّسة الاتصالات
كشفت مبادرة "ريجين يمن- استعادة" أن إيرادات المؤسّسة العامة للاتصالات السلكية واللا سلكية الخاضعة لسيطرة الحوثيين تتجاوز 122 مليار ريال يمني سنوياً، مؤكدة أن كل هذه الإيرادات لا تظهر في التقارير المالية الخاصة بالمؤسّسة أو الحسابات الختامية الخاصة بالميزانية العامة لحكومة الميليشيات، حيث تتلاعب الميليشيات بهذه الحسابات من أجل توجيه الإيرادات بشكل غير قانوني لدعم قياداتها والهيئات التابعة لها.
وقالت المبادرة، في تقريرها الخامس الذي تناول سيطرة مليشيا الحوثي على قطاع الاتصالات في اليمن، إن الميليشيا حذفت جميع التقارير والإحصاءات السابقة التي توضّح عدد المستخدمين لخدمات الاتصالات وحجم الأرباح التي تحصل عليها، كما أنها لم تنشر ذلك على مواقعها الرسمية.
وتجني سلطة الميليشيا مبالغ خيالية من عائدات المؤسّسة التي تحتوي على عدّة شركات منها (يمن موبايل، وتيليمن، وشبكات الهاتف الثابت واللاسلكي)، كما تستغلّها لتنفيذ أجندتها، والاحتيال على المستخدمين.
وبخلاف الإيرادات المحصّلة من الشركات الحكومية والخاصة تسعى الميليشيات للحصول على إيرادات قطاع الاتصالات المحتجزة في الخارج، منذ انقلابها أواخر عام 2014، والبالغة 300 مليون دولار.
كما لم تكتف بالجبايات المفروضة على شركات الاتصالات، حيث قامت بمصادرة أرصدتها وأصولها قبل الاستيلاء عليها بشكل كامل كما حصل مع شركات "سبأفون" و"إم تي إن" و"واي".
وذكر التقرير أن الحوثيين يتعمّدون إصدار التراخيص لفترات قصيرة لبثّ حالة عدم اليقين لدى الشركات، حيث وصل مجموع إيرادات تجديد تراخيص شركتي "سبأفون" و"إم تي إن" خلال عام 2020 إلى 22 مليون دولار.
وكشف تقرير أعدّه فريق الخبراء الأممي عام 2017 عن وصاية تفرضها ميليشيات الحوثي على شركات الاتصالات اليمنية الأربع، وتحويلها إلى مصدر من مصادر التمويل لحروبها منذ عام 2015.
وتقدّر تقارير اقتصادية حجم الثروة التي جمعتها الميليشيات من عائدات قطاع الاتصالات خلال السنوات الماضية بنحو 7 مليارات دولار، منها ما يستثمر في الخارج، وأخرى أصول عقارية، وشركات تجارية حلّت محل القطاع الخاص التقليدي.
ولفت التقرير إلى أنه بين الفينة والأخرى تصدر ميليشيات الحوثي قائمة من التوجيهات الصارمة، بشأن تجديد تراخيص نشاط الشركات ودفع الرسوم بالعملة الأجنبية (الدولار)، إضافة إلى تحويلات من مكتب زعيمها عبد الملك الحوثي ومدير ما يسمّى "مكتب رئاسة الجمهورية" أحمد حامد مباشرةً للصرف من شركات الاتصالات لصالح التحشيد والتسليح والتموين وإعداد الدورات وتجهيز المخيّمات وشراء الولاءات، ورعاية أسر قتلاها.
وتتعدّد صور الاستغلال والنهب التي يمارسها الحوثيون من خلال هذا القطاع لتشمل أساليب عدّة برعت الميليشيات بالتفنّن بها للحصول على أكبر قدر من الأموال، حيث حصلت "ريجين يمن" على وثيقة تتضمّن آخر التوجيهات الحوثية لشركات الاتصالات بتخصيص نسبة من فواتير الاتصالات اليمنية على كافة الشركات، لتمويل صندوق أسر مقاتليها، في أحدث استغلال لقطاع الاتصالات وتبديد موارده في تمويل أنشطة الجماعة.
وأظهرت وثيقة بتاريخ 4 يونيو/حزيران 2022 توجيهاً من وزير الاتصالات في حكومة الميليشيات (غير المعترف بها دولياً)، إلى مديري شركات الاتصالات، بتوريد 1% من كل فاتورة اتصالات بجميع أنواعها (ثابت، جوال، دولي، إنترنت) إلى ما يسمّى "صندوق أسر الشهداء".
وحوّلت ميليشيا الحوثي شركات الاتصالات إلى راع ومموّل لدعوات العنف والتحشيد للجبهات، عبر خدمة الرسائل (إس إم إس)، والتي باتت روتيناً يومياً يتلقّى المواطنون عبرها مئات الرسائل للخدمات الحوثية التي تدعوهم للحشد ومقاتلة الخصوم والتبرّع للجبهات والمجهود الحربي ودعم صناعة الطائرات المسيّرة.
كما فرضت الميليشيات رسوماً خيالية على شركات مزوّدي خدمة الاتصالات بهدف احتكار خدمة الرسائل القصيرة لسلطاتها ومصادرتها من القطاع الخاص، حيث وزّعت ميليشيا الحوثي رسالة جماعية عبر الرقم "2121" لجميع مشتركي خدمات الهاتف النقّال تدعوهم فيها للتبرّع للقوة الصاروخية إلى حساب رقم "1126" بجميع مكاتب البريد.
ولم تكتف ميليشيات الحوثي بالرسائل الصريحة في طلب الدعم المستمر لها عبر رسائل الـ"إس إم إس"، إذ تقوم من خلال شركات الاتصالات بإرسال رسائل نصية مختلفة للمشتركين تجمع من خلالها الأموال، ودعوة المواطنين إلى إرسال الرسائل دعماً لما أسمته التبرّع للمجهود الشعبي والتعبئة العامة عبر حساباتها في بنك التسليف التعاوني والزراعي، والبنك اليمني للإنشاء والتعمير بالرسائل النصية المرسلة.
ولم تتوقّف تلك الدعوات الحوثية عبر الرسائل القصيرة من خلال شركات الاتصالات، إذ وصلت إلى دعوة المواطنين عبر هذه الرسائل للإسهام في دعم البنك المركزي بإرسال رسائل نصية إلى أرقام "2530" بـ100 ريال، ورقم "2535" بـ500 ريال، ورقم "2540" بـ1000 ريال.
واستغلّت ميليشيات الحوثي شركات الاتصالات لتمرير أهدافها وأفكارها الطائفية للشعب، إذ أرسلت طوال سنوات الحرب مئات الآلاف من الرسائل المشحونة بأفكارها ومعتقداتها، وأيضاً توجّهاتها العسكرية العدائية.