يتحدث الحاج محمد الخولاني والدموع تملأ عينيه عن اضطراره إلى قطع رحمه في هذا العيد، ويقول لـ "وكالة 2 ديسمبر": "نحن في صنعاء معتادون على زيارة الأرحام في الأعياد والسلام على النساء بفلوس وتسمى (عسب العيد)، وهي جزء من طقوس العيد وعاداته وتقاليده، فهي تقوي الروابط، وتنتظر النساء العيد بفارغ الصبر، لكني بدون راتب ولا أملك المال الذي يعينني على صلة الرحم، وسأضطر إلى الرقود في بيتي دون أن أخرج إلى أرحامي فارغ اليدين".

 

حال الخولاني يشبه حال المواطن عبد الرحمن أحمد الذي يقول لـ "وكالة 2 ديسمبر" إنه لا يستطيع زيارة أرحامه ويده فارغه وإنه من العيب في حق رجل لا يستطيع تقديم "عسب العيد" لأرحامه من النساء، وسيكتفي بالاتصال والمعايدة عبر الهاتف -حد قوله-.

 

الخولاني وأحمد أنموذجان مصغران للمجتمع اليمني خاصة في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الشمالية التي تعتاد على تقديم ما تسمية "عسب العيد" وهو المال الذي يقدمه الرجال للنساء من أرحامهم عند زيارتهم في العيد.

 

في محافظة تعز تسمى "عُيادة" وتكون إما نقوداً أو هدايا كالحلويات واللوز والزبيب وغيرها أو هدايا ملبوسة كالثياب أو الساعات أو غيرها من الأشياء التي تلبسها في العيد وتتفاخر أنها هدية من أحد أقاربها الرجال، وفقاٌ لما يقوله المواطن بندر الصلوي لـ "وكالة 2 ديسمبر"، ويتابع: "أزور أرحامي في تعز مرة في السنة وعادة ما تكون الزيارة في عيد الأضحى، لكني هذا العام لا أقدر على زيارتهم، فأنا لا أملك قيمة كيلو غرام من اللحم لتقديمه لأطفالي يوم العيد، خاصة أني كغيري من موظفي الدولة بدون رواتب منذ 23 شهراً".

 

يوجه المواطنون أصابع الاتهام صوب ميليشيا الحوثي التي عاثت في الأرض فساداً ودمرت البلد وأكلت ثرواته وصادرت كافة حقوق الشعب بما فيها رواتب الموظفين، وتسببت في تمزيق النسيج المجتمعي وأخيراً تسببت في قطيعة الرحم بين اليمنيين.

 

بدورها الباحثة الاجتماعية إلهام صالح تقول لـ"الوكالة": "ما تمارسه ميليشيا الحوثي يقود إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، حيث خلقت حروباً وصراعات بين أبناء الشعب الواحد، وجاءت بمذهب يمقته الشعب اليمني برمته، وتمارس كل نفوذها وقوتها إلى استعباد الناس وتسليط عناصرها على العامة، فضلاً عن أنها تُجبر القبائل على الدفع بأبنائها إلى الموت وهذا ولد أوجاعا في كل بيت، فضلاً عن الذين تغرر بهم وحولتهم إلى قتلة لهم تأثيرهم السلبي على المجتمع، ومن الصعب انخراطهم في المجتمع بعد انتهاء الحرب وعودة الدولة الشرعية لأنهم يحتاجون إلى التأهيل النفسي ليصبحوا صالحين للتعايش مع الناس، كما لا ننسى أنها عملت على تجويع الشعب وخلقت قضايا اجتماعية متعددة وتسببت في مشاكل أسرية كالتشرد والطلاق وخروج الأطفال والنساء إلى الشوارع للعمل أو التسول مما يؤثر على التركيبة المجتمعية، إلى جانب ظهور جرائم كالسرقة والاختطاف وبيع الأعضاء وغيرها، فضلاً عن أن قطع الرواتب وغياب فرص العمل قاد إلى قطيعة الرحم بين الناس الذين باتوا غير قادرين على زيارة أرحامهم".

 

كل هذه الاختلالات في التركيبة المجتمعية للمجتمع اليمني ولدتها ميليشيا الحوثي وفقاً لما تقوله الخبيرة الاجتماعية، الأمر الذي يتطلب سرعة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب من أجل إنقاذ ما تبقى من النسيج الاجتماعي اليمني المعروف عنه التكافل والتراحم.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية