يثير الجدل عادةً تصرفات المنظمات المنبثقة عن الأمم المتحدة في اليمن، لتبدي الصورة في أغلب الأوقات تهاونا من قبل هذه المنظمات، مع المليشيات الإرهابية المدعومة من إيران، والتي في غالبها تتشكل فيما يزعم أنها "أحداث عرضية" غير أن مدلولاتها ذات بعد كبير تجسد حجم تهاون هذه المنظمة مع المليشيات الكهنوتية.

 

وأكثر ما أثار الجدل وسط الشارع اليمني، ظهور سيارة تابعة لمنظمة الصحة العالمية المنبثقة عن الأمم المتحدة، تحمل على واجهتها صور قتلى المليشيات الحوثية الإرهابية، في وقت ترفع فيه المنظمة شعار العمل خارج إطار الانتماء، انطلاقاً من الأهداف التي بنيت عليها المنظمة الدولية، إذ يبدو بوضوح أن الأمر لافت للانتباه بقدر ما هو مثير للسخط.

 

وكان مركز إسناد العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن، عبر في بيان له أن استخدام الحوثيين سيارات إسعاف تابعة للصحة العالمية، يعزز المعلومات التي تؤكد توظيف المليشيات للمساعدات في دعم الموالين لهم.. أمرٌ في حد ذاته بائن الوضوح من خلال نهب المليشيات الإرهابية للمساعدات والمستحقات الإنسانية لما يخدم مشاريعها الإرهابية في اليمن.

 

المركز كان قد دعا إلى ضرورة التحقيق ومراجعة إجراءات العمل من قبل الصحة العالمية ومكتب تنسيق الأمم المتحدة، وذلك حرصاً على وصول التبرعات الدولية إلى محتاجيها. وفقاً لبيان المركز. وعقب ذلك أطلت منظمة الصحة العالمية لتعرب عن "جزعها" من استخدام المليشيات لسيارة تبرعت بها المنظمة في جوانب استفزازية قالت إنها "تتعارض مع روح التبرع".

 

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل أصبح أمراً "مهولاً" لا يثير الاستغراب فحسب، إنما يولد قناعات بالتواطؤ الأممي مع مليشيات الإرهاب، حيث تفضي المعلومات المتطابقة إلى أن المليشيات أصبحت تستخدم السيارات المتبرع بها من قبل المنظمة الدولية في نقل مقاتليها من مكان إلى آخر، أي أنها تستخدمها في أغراض عسكرية بحتة، لتنفض بذلك كل التكهنات التي كانت تتحدث في هذا الصدد، وتحول الأمر من مجرد تكهن إلى واقع يجري على الأرض.

 

الجوانب الواضحة في هذا الصدد، تعطي شواهد للتواطؤ الأممي مع المليشيات الإرهابية، وتماهي المنظمة مع الأفعال الحوثية، خاصة حينما تسمح الأمم المتحدة بالتمادي الحوثي في استخدامها لتمرير مشاريع حوثية استفزازية في أحيان، ومقصودة في أحيان أخرى.

 

اليوم لم يعد الرأي العام في اليمن غافلا عما يجري من حوله، وإصرار الأمم المتحدة على عدم اتخاذ إجراءات صارمة إزاء الممارسات الحوثية، سيضاعف من منسوب الغضب الشعبي تجاه المنظمة الدولية، ويجعل أدوارها في اليمن مثار شك لدى اليمنيين، يزاد إلى ذلك أن تعارض ما يحدث مع الأهداف التي تقوم عليها المنظمة، يجعلها مكشوفة أمام العالم ويقلص من سلطتها العالمية في الدور المناط بها.

 

ويرى مراقبون أن تحويل الحوثيين للعربات المقدمة من المنظمات الأممية لدعم العمليات الإغاثية والصحية في أغراض عسكرية، مؤشر خطير يتطلب وضع حد له في هذا التوقيت، لافتين إلى أن الأمر بالمقام الأول يسيء إلى الأمم المتحدة، ويقدمها بمثابة داعم لهذه الجماعة مهما كانت مبررات ما يحدث.

 

ولا يتردد الإرهابيون الحوثيون في مواصلة أعمالهم المتعارضة مع القانون الدولي الإنساني، والأعراف الإنسانية، وحتى التقاليد اليمنية والأخلاقية. لكن أن يصل الوضع إلى مشاركة من قبل منظمة الأمم المتحدة وضلوعها في هذه السابقة الخطيرة، فإنه لا يبقى في المكيال الأممي أي عدل من ذاك الذي ظلت دهراً تضج به أسماع العالم، وغاب هذا العدل في اليمن حينما كان اليمنيون أحوج الناس له.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية