مدير صحة الحديدة: نواجه كورونا بإمكانات محدودة يقابلها مشكلة الوعي المجتمعي بخطورة الوباء
"كورونا"، الوباء الذي استنفر العالم وغزا معظم بلدانه، تسلل إلى اليمن أوائل العام الماضي، خلال موجته الأولى، ليعود مجددا في موجة ثانية هذا العام، ويدخل بسحنته القاتلة كل المحافظات اليمنية، ومن بينها محافظة الحديدة الساحلية، غرب اليمن، في ظل وضع سيء للقطاع الصحي كأحد ضحايا الحرب الحوثية الإيرانية على اليمنيين، إلا أن مكتب الصحة بالمحافظة عمل جاهدا لأداء دوره رغم شحة الإمكانات، كما يفصّل مديره علي الأهدل في لقاء أجرته معه وكالة "2 ديسمبر":
معوقات البداية
عن بداية المعركة مع فيروس كورونا المستجد، يقول الأهدل إن اجتماعا رسميا عُقد برئاسة محافظ محافظة الحديدة الحسن طاهر وبحضور مكتب الصحة العامة والسلطة المحلية ومكتب الصحة في مديرية الخوخة، العاصمة المؤقتة للمحافظة، لاختيار مكان لمركز للعزل.
وهنا برزت أولى المشكلات، في كون الخوخة تفتقر إلى مستشفى متكامل وتعاني نقص المرافق الصحية، لكن كان لا بد من وضع حجر أساس للمواجهة، فتم اختيار الوحدة الصحية في "الوعرة" على أطراف مدينة الخوخة كمركز للعزل، عبارة عن غرفتين ومخزن صغير، ومحاط بسور.
يواصل مدير مكتب الصحة في الحديدة علي الأهدل في حديثه للوكالة، بأن مرحلة أخرى من التحديات نشأت مع تسلم الوحدة الصحية بتجهيزات لا تكاد تذكر، ومبانٍ بحاجة للترميم، فكان استقطاب منظمات معنية للتدخل وبالفعل استمرت أعمال الإصلاح والترميم نحو أربعة شهور ابتداء من يونيو 2020 حتى أكتوبر، وأضيفت كتوسعة للمبنى أربع "كونتيرات"، ومولدا كهرباء ومنظومة طاقة شمسية، غير تزويده ببعض الأدوية.
الكادر والوسائل
بقيت مشكلات متصلة باعتماد وزارة الصحة للمركز، وتوفير موازنة تشغيلية، وأجور الكادر المشغل ومحدوديته، وطيلة أربعة شهور من العمل بأقل القليل منذ افتتاح المركز تكفلت منظمة الصحة العالمية، في أكتوبر، بتزويده بالموازنة والأجور، التي يطالب الأهدل بانتظامها، بينما المطالبات مازالت جارية لاعتماد وقود للمولدات.
أما الكادر فيؤكد الأهدل أن مركز العزل تديره كوادر مؤهلة واختصاصية في التخدير والتنفس الصناعي، إضافة إلى الكوادر التي تم تأهيلها من خلال عدة دورات أقامتها وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.
وفي موضوع الأدوية والمستلزمات الخاصة بكورونا يشير مدير مكتب الصحة إلى أن المركز يتسلم دفعات المواد والتجهيزات والألبسة الوقائية والأدوية الأساسية بعد تحديد نوعيتها من قبل منظمة الصحة العالمية والمنظمات المعنية بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة، وتوزع من خلال دفعات يستلمها المركز من بين فترة واخرى تحددها المنظمة بشكل مركزي وتوزعها بشكل موحد لكل مراكز العزل، ويتم توفير قيمة تعبئة الأوكسجين من قبل منظمة الصحة العالمية، "ونحن في مكتب الصحة نقوم بتوفير أجور النقل لتعبئة اسطوانات الأوكسجين والتي أصبحت تتكرر كل خمسة أيام نظرا لزيادة عدد الحالات المصابة والواردة إلى مركز العزل".
مازال المركز، والمناطق المحررة في المحافظة، تفتقر لجهاز الفحص البي سي أر (PCR) اللازم للتأكد من حالات الاشتباه التي تظهر من الفحص الأولي (السريع) للكورونا الذي تقتصر عليه إمكانات مكاتب الصحة في هذه المناطق، ما يلجئ مكاتب الصحة بمديريات الحديدة لإرسال الفحوصات إلى المخا جنوب الساحل الغربي، أو العاصمة المؤقتة عدن، وكذا تحويل حالات الإصابة الشديدة بالفيروس إلى مراكز عزل أخرى خارج المحافظة، نظرا إلى انعدام الأدوية المتقدمة في مركز العزل بالخوخة ومستلزمات العناية الفائقة.
مشكلة الوعي
لا تقتصر المشكلات على الإمكانات، وإنما تتجاوزها إلى ضعف الوعي المجتمعي بخطورة الوباء، حيث يقول مدير صحة الحديدة الأهدل إن معظم الحالات التي رقدت في المركز استغرقت جهودا لإقناع أهل المرضى بضرورة نقلهم إلى المركز، وفي بعض الأحيان تضطر الطواقم الطبية المعنية إلى توفير الأوكسجين للمرضى في منازلهم لحين إقناع المصاب أو أهله بالانتقال إلى مراكز العزل لتلقي العلاج اللازم.
وفي الصدد وجه الأهدل دعوة لكافة شرائح المجتمع وخاصة الإعلاميين والكادر الصحي في القطاع الخاص والعام إلى نشر وعي يدفع بالمجتمع إلى الالتزام بالممارسات الطبية التي تمنع انتشار المرض وتعزز مدى استجابة المرضى وأقربائهم للكشف عن الحالات المصابة وتقبلها للتعليمات الطبية.
وينبه إلى أن الوضع مايزال مقلقاً رغم انحسار عدد الحالات المصابة بالفيروس بعد أن بلغت الذروة خلال الثلاثة الأشهر الفائتة "وما زلنا حتى اليوم نسجل حالات سواء من المناطق المحررة أو من المصابين القادمين من مناطق مازالت تحت سيطرة ميليشيا الحوثي".
في ختام اللقاء ثمن مدير عام مكتب الصحة علي الأهدل "الدور الكبير لقيادة السلطة المحلية بالمحافظة ممثلة بمحافظ المحافظة الحسن طاهر، وكافة الطواقم الطبية التي تبذل الكثير من الجهود في مركز العزل بالوعرة في ظل تأخر المخصصات اللازمة لهم لشهور عديدة وفي ظل عدم توفير الإمكانيات وصعوبة تنقلهم للوصول إلى المركز.