اختراق أمريكي للمليشيا الحوثية يثير فزع طهران .. نصائح مرتبكة من ضاحية بيروت
قبل أيام قليلة خرج زعيم حزب الله اللبناني، ذراع إيران الغاشمة في لبنان، متحدثا عن اليمن وموجها ما أسماها "نصيحة" لمليشيا الحوثي بأن ترفض المبادرة السعودية ولا تتورط بالتعاطي مع التحركات الدولية حول السلام.
ليس جديدا على نصر الله أن يحشر أنفه في ملف اليمن ويتحدث باسم اليمنيين، فقد كان أول أذناب طهران الذين خرجوا إلى الساحة يبتهجون باجتياح مليشيا الإمامة للعاصمة صنعاء، وأول من ظهر بعد انطلاق عمليات التحالف العربي ضد الحوثيين يوجه رسائل أسياده في طهران إلى اليمنيين والمنطقة والعالم.
حديث نصر الله عن ملف اليمن وبث النصائح والتوجيهات لمليشيا الحوثي جاء بعد موقف مندوب الحرس الثوري في صنعاء "حسن إيرلو " والذي أهان فيه القيادات الحوثية وأظهرها فاقدة حتى للقدرة على إبداء موقف سياسي من مبادرة طرحت على الطاولة وتحظى بتأييد دولي واسع.
اللافت في حديث نصر الله أنه حاول تبرير دعوته للمليشيا الحوثية لرفض السلام وعدم القبول إلا بعد تنفيذ الشروط والتي هي أساسا كانت عبارة عن اشتراطات الصريع قاسم سليماني لإيقاف الحرب في اليمن والتي أعلنها بداية انطلاق عمليات التحالف العربي.
ما هو السر وراء تأكيد طهران عبر ذراعها في لبنان على مليشيا الحوثي رفض المبادرة السعودية بعد أن كان مندوب الحرس الثوري وحاكم صنعاء الإيراني "إيرلو " قد أعلن الموقف الإيراني وسبقه كذلك خامنئي قبل ليلة واحده من خروج المبادرة إلى العلن.
كان حزب الله وحسن نصر الله بوابة مليشيا الحوثي إلى طهران سابقا قبل أن تدخل الأخيرة بكل ثقلها وتوفد ضابطا في الحرس الثوري ليكون حاكما لصنعاء وصاحب القرار على المليشيا، غير أنه عمليا لا حاجة للمليشيا لتكرار التأكيد عليها من ضاحية لبنان بأن عليها أن ترفض المبادرة السعودية.
هناك مؤشرات صريحة تؤكد أن مليشيات الحوثي أصبحت فاقدة للقرار وأن حديث نصر الله يكشف أنها تعيش صراع أجنحة وأن هناك فصيل داخلها ينزع نحو التعاطي مع التقرب الأمريكي تجاه المليشيا وهو ما يفسر أيضا تكريس زعيمها خطابين له مؤخرا لمهاجمة الولايات المتحدة وشيطنة دورها وحضورها القديم في اليمن.
وكما هو معلوم فقد حصلت مليشيات الحوثي بداية تحركها نحو محافظة عمران على إشارات ودية من واشنطن، بإدارتها الديمقراطية حينها، بالتقدم عسكريا وذلك حصل أيضا أثناء هجوم المليشيا على دماج حيث وجه الجانب الأمريكي تحذيرات صريحة للقيادة اليمنية بعدم مساندة السلفيين بالطيران بعد تصاعد المطالب الشعبية بمساندة أهالي دماج.
وكانت الدوائر الأمريكية أفصحت مرارا عن مقترح لاستمالة الحوثيين وإنهاء التحالف الحوثي مع إيران بحزمة إغراءات ذات طابع سياسي وهو ما تشير إليه معلومات حديثة تذهب إلى كشف تسجيل اختراق أمريكي داخل بنية المليشيا القيادية العليا وجر فصيل من قياداتها إلى نقاش جانبي بعيدا عن خيارات طهران.
نصيحة حسن نصر الله جاءت استشعارا لتمرد جناح حوثي ذي تأثير داخل هيكل المليشيا أكثر منها دعما معنويا لمواصلة الحرب وهو ما دفع زعيم حزب الله إلى الخروج عن حرصه في توجيه الرسائل عبر خطاباته حين أشار مخاطبا المليشيا بأن استمرار الحرب يعفيها من تحمل أي مسؤولية إنسانية أو خدمية أو دفع رواتب أو توفير الخبز للجياع.
تبرير حسن نصر الله للمليشيا ودعوتها لمواصلة الحرب وتأكيد حسن إيرلو أن القبول الحوثي بالمبادرة السعودية يعني تأسيسا لحرب طويلة الأمد يعد تعبيرا حقيقيا عن مخاوف من توقف الحرب وفقدان طهران لورقة مهمة في صراعها مع المجتمع الدولي حول الملف النووي ومشروعها التوسعي في المنطقة.
تخشى طهران أن تفقد زمام قيادة المليشيا الحوثية وتوجيهها صوب مسارات تخدم أجندتها، والأخطر من ذلك على إيران هو حدوث تصدع في الصف القيادي الحوثي يتيح لواشنطن مساحة لإحداث اختراق كبير داخل قيادة المليشيا من شأنه أن يقود إما إلى انقلاب على زعيمها الحالي أو اشتعال حرب أجنحة تبدأ من صنعاء ولا تنتهي في الجبهات.
التحرك الأمريكي المباشر نحو المليشيا وإلغاء تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، وقرار سريان المساعدات الإنسانية إلى صنعاء، بداية تنافس حقيقي بين واشنطن وطهران، غير أن المؤكد هو أن بذور الصراع قد وصلت إلى مستويات قيادية عليا داخل صفوف المليشيا.