يصادف اليوم الثلاثاء ال 17 من يوليو الذكرى ال 38 لتولي شهيد الوطن وزعيمه الخالد علي عبد الله صالح عفاش دفة الحكم في العام 1978م ولا يعد مجرد رقم على التقويم كغيره من الأرقام.. أنما هو نقطة فارقة في مسيرة اليمن المعاصر.

 

ففيه أرسيت مداميك اليمن الجديد، وشرعت أشرعة نهضته وانطلقت قدماً عجلة بنائه وتنميته على جميع الأصعدة والميادين وإن كانت بطيئة نوعاً ما إلا أنها كانت مدروسة ومنهجية، متريثة في خطاها نتيحة عوامل عدة أهمها تلك الملفات والإشكاليات الشائكة والمعلقة دون تسوية ومعالجة بالإضافة إلى معالجة معوقات التنمية، فما كان منه إلا أن وزع الجهد بين كلتا يديه فحملت إحداها هم تلك الإشكاليات المحلية منها والإقليمية والدولية منكبة على دراسة أسبابها ومعالجتها العلاج الناجع، بينما وبالتوازي معها شرعت الأخرى جهودها وبذات الوقت على إدارة عجلة التنمية رسماً وتخطيطاً وتنيظيماً وتنفيذاّ.

 

نعم تولى الزعيم الخالد السلطة وحمل على عاتقه مسؤولية بناء اليمن الحديث وفق متطلبات العصر ليجعل منه نموذجاً حضاريا كما جعل منه الاجدد، فشكل ذلك التاريخ ميلاد الدولة اليمنية الحديثة، فكان ميلاداً لكافة التسويات الاجتماعية والسياسية والأيديولوجية بين فرقاء المجتمع اليمني في الجمهورية العربية اليمنية آنذاك، أيضاً ميلاد لتسوية الخلافات والفرقة الشطرية مع جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية تمهيداً لإعادة تحقيق الوحدة بين شطري الوطن اليمني الكبير.

 

أن17 من يوليو، لهو ميلاد البنى التحتية للدولة اليمنية الحديثة بكافة مؤسساتها وإداراتها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية تمكيناً وخدمياّ، وميلاد فضاءات التصالح والإخاء والسلام بين الفرقاء المحليين والإقليميين والدوليين على قاعدة الإخوة والهوية الوطنية القومية والدينية، أيضا هو ميلاد لبناء قنوات وجسور التواصل والانفتاح على المنظومة العالمية، وإقامة العلاقات والتمثيل المتبادل بناء على قاعدة المثل والند لا قاعدة التبعية أو الوصاية، كذلك يعد ميلاداً لنهج التعايش السلمي، والتوزيع العادل، والديموقراطية اليمنية، والتعددية والمشاركة السياسية، والمساواة بين الرجل والمرأة في جميع المحافل المحلية بناء على دستورنا الإسلامي والوضعي.

 

ال17 من يوليو، هو ميلاد السيادة والاستقلال للدولة اليمنية على امتداد جغرافيتها الطبيعية، وللانفراجة الاقتصادية اليمنية وتحقيق مستوى معيشي مستقر وأفضل للشعب اليمني، كما هو أيضا يعد ميلاداً للدبلوماسية المعتدلة والمرنة والمناصرة لكافة القضايا العربية(القضية الفلسطينة أنموذجاً)، وإحياء لكل فكر ومورث يمني حضاري أصيل ومعاصر، واندثار كل فكر ونهج دخيل رجعي رديكالي كهنوتي، ويعد ثمرة ال26 من سبتمبر وال14 من أكتوبر وبذرة ال22 من مايو الوطنية الأصيلة والتاريخية، مجيبا للمجد اليمني وعزته وشموخه بحداثة يمنية أصيلة ليس مستوردة منطلقا من مرجعياتها وثوابتها الراسخة ( الدين الإسلامي الحنيف، والعرف اليمني الأصيل، وأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين).

 

ال17 من يوليو، لهو ميلاد زعامة خالدة ومسيرة عطا متزنة وحضارة شاخصة المعالم على شوامخ الوطن وسهوله ووديانه....بأختصار إنه ميلاد زعامة وحضارة من الصعب اختصارها...زعامة حملت الامانة كما يجيب فراهنوا على إخفاقها فنجحت وخسروا كل رهاناتهم..زعامة عاشت أمميةً وسارت عربية وبنبض قلبها يمنياً...زعامة بذلت عطاءً، واحتضنت محبة وسلاماً ووفاء فغدر بها...عاشت حرةً شهيدة، فمات كل خونتها عملاء أحياء...نعم أيه الزعيم الخالد اتحدت عنك فأنت كنت وما زلت وستبقى أول من افتتح سفر التاريخ الحديث مدوناً في صفحاته مسيرة بناء اليمن المعاصر، وأنت أيضا من اختتم ذلك المجلد العظيم بتلك التضحيات الجزيلة، تاركاً المكتبة العربية واليمنية لمن سيأتون من بعدك عسى أن يملؤا فراغها بتاريخ وأمجاد يرتقي إلى مصاف مجدك أن استطاعوا ذلك وحتما لن يرتقوا لذلك.

 

فنم قرير العين فشخصاً مثلك لا يتكرر ولا يعد عاديا، فأنت بحد ذاتك تعد حضارة شاخصة المعالم تحاكي الطير والشجر وتحاكي الأرض والسماء اليمنية، ومن يزعم أنه قادراً على مجاراتك أو محو اثرك فهو واهم.. واهم.. واهم لأن ذلك يعني محو الوطن اليمني أرضاً وإنساناً، فزعيم مثلك لن يتكرر وستبقى أنت لا سواك رمزاً للأرض والإنسان اليمني، وستبقى دوما ذلك الرقم الصعب في جميع المعادلات المجتمعية والسياسية.

 

اليوم هو 17 من يوليو، ذكرى ميلاد مجدك التاريخي يامن توليت شؤون دولتنا ومجتمعنا، أنت أيها الغائب الحاضر على امتداد ربوع وطننا الحبيب وفي أفئدة شعبه العظيم، فرحمة الله تغشاك أيها الشهيد الحي، ونعدك أنا بنهجك راسخون وبمنهاجك متمسكون وعلى درب العزة والحرية دربك سائرون، ولعهد الوفاء بالوفاء حافظون، نحيي هذه الذكرى عاماً بعد عام ونورثها لأجيالنا اللاحقة جيلاً بعد جيل، وسلاماً عليك يوم ولدت، ويوم توليت، ويوم استشهدت، ويوم أن

 

نلقاك عند رب العزة والجبروت، سائلين منه أن يمن علينا عزة وشموخاً وإباء وتضحية وشهادةً كما من عليك بها.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية