سكان مخيم غليفقة للنازحين بالدريهمي .. طبيعة قاسية وغياب للمنظمات الإنسانية
من وسطِ مخيمٍ تعاديه الرمالُ الزاحفة إليه كلما هبت العواصف في الساحل الغربي، تعلو مناشدات مئات النازلين فيه، أغلبهم من سكان الدريهمي الذين هجروا قسرًا على أيدي مليشيا الحوثي والتجأوا إلى بلدةِ "غليفقة" التي وجدوا فيها مخيمًا يحمل اسمها، يأنسون إليه من وحشة الغربة خارج الديار المغتصبة من قبل الحوثيين.
في ظروفِ الطبيعة القاسية يقضي نازحو مخيم غليفقة أوقاتهم ويتقاسمون المعاناة التي زادت حدتها مع تقدم كثبان الرمال نحو المخيم، الذي بات مهددًا بخطر الدفن من الرمال الزاحفة، الناتجة عن تصحر الأراضي الزراعية في المنطقة بعد أن اعتزلها المزارعون نتيجة الألغام التي زرعها الحوثيون فيها.
من ثلاثة اتجاهات تتقدم الرمال نحو المخيم، وبعد كلِ يومٍ عاصف بالرياح يظهر أن الكثبان الغازية تتقدم أكثر فأكثر، ورغم المناشدات المتتابعة من سكان المخيم للمنظمات الدولية والسلطة المحلية، يبدو ألا مجيب لهذه المناشدات حتى اللحظة.
وتقطن المخيم أسر وفدت إليه من بلدات عدة في الدريهمي وغير الدريهمي، إذ يعد المخيم أيضا أقرب الأماكن للنازحين القادمين من حي منظر، والذين يُشرّدون باستمرار من قبل المليشيا الحوثية فيصلون بالعادة إلى مخيم غليفقة.
عندما كان فريق "2 ديسمبر" يتجول في المخيم بدى أن الرمال قد أتت على بعض خيام النازحين ولم تعد تجدي تلك المصدات التي صنعها النازحون من سعف النخيل المنظوم لوقف هذا الخطر الداهم الذي يكاد يبتلع خيامًا إضافية ما لم تبادر المنظمات الإنسانية والسلطة المحلية إلى تقديم المساعدة العاجلة.
على تلٍ رملي يشرف على المخيم مباشرة وقف أحد النازحين وعلى وجهه علامات القهر يشرح حسرته للفريق، ومثله بادر آخرُ للحديث عن النقص الحاد في المساعدات الإنسانية والمواد الإيوائية، ما يضطر النازحين إلى النوم في الغالب على الرمال ملتحفين السماء، والمحظوظ منهم من بوسعه حياكة حصير من سعف النخيل لينام عليه.
منذ ثلاثة أعوام ظل النازحون يأتون إلى المخيم هذا، ورغم ما حل بهم من كوارث سببها الحوثيون تتوارى عنهم اعين المنظمات الدولية في تقديم المساعدات الغذائية والطبية، وتتقاذفهم المعاناة في زوايا المخيم الذي يضيق بهم هو الآخر، حتى وهم يحاولون شرح معاناتهم للفريق تندفع الرياح فتحول بين السامع والمتحدث.
أكثر صور الأسى التي شوهدت بين النازحين أن بعضهم يعانون من امراض مزمنة وثمة أيضا حالات مصابة بالسرطان والشلل عجز أهلهم عن علاجهم لقلة ذات اليد، فأصبحت معاناتهم في هذا الظرف عذابًا مركبًا يبكي مقلة الزائرين.