دعوات واتفاقات يستغلها الحوثي في امتصاص انكساراته العسكرية
تواصل مليشيا الحوثي استراتيجيتها في البحث أو التشبث باتفاقات تهدئة كلما تعرضت لانتكاسات عسكرية، مبدية مرونة معهودة في مثل هذه المواقف، لا رغبة في السلام وإنما في التقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق والصفوف لإعادة الكرّة في حربها التي أشعلتها ضد اليمنيين.
بعد نحو أيام من المعارك الساخنة في الساحل الغربي، تجدد المليشيا ترحيبها والتزامها باتفاق الهدنة في محافظة الحديدة الساحلية، نتيجة فشل ذريع تلقته على يد القوات المشتركة على طول خطوط التماس لدى تصعيدها غير المسبوق في انتهاك الاتفاق المبرم برعاية أممية في العاصمة السويدية ستوكهولم منذ قرابة العامين.
الاتفاق المتضمن الانسحاب من عاصمة المحافظة، مدينة الحديدة، وموانئها ونزع الألغام ووقف إطلاق النار نكثته المليشيا منذ اليوم الأول لإعلانه.
خدم الاتفاق بشكل واضح المليشيا الحوثية كونه أوقف تقدما متسارعا للقوات المشتركة في معركة تحرير الحديدة، من جهة، كما قدم لها منطقة آمنة لاستقبال السلاح الإيراني، وصالحة لبناء بعض ورشات تصنيع معدات عسكرية، من جهة ثانية، تزامنا مع الاستمرار في الانتهاكات اليومية للهدنة المفترضة.
رمت المليشيا الحوثية منذ مطلع أكتوبر بكل ثقلها العسكري العقائدي لتحقيق اختراق ولو هامشي في جبهة مترامية الأطراف بالساحل الغربي ولفك حصار المشتركة عن عشرات من عناصر المليشيا في مدينة الدريهمي وقطع خط إمداد القوات المشتركة في مدينة الحديدة، وتلقت على وقع تصعيدها ضربات موجعة ولا تزال فاتحة الباب على مصراعيه لكل الخيارات أمام القوات المشتركة في الدفاع عن نفسها وحماية المدنيين.
واجهت المليشيا الانكسار الذي نالته بالتشبث باتفاق ستوكهولم، مثلما يدور حديث منذ نحو شهر، تجدد الآونة الأخيرة عن "إعلان مشترك" اقترحه المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، لوقف شامل لإطلاق النار باليمن، في وقت تتلقى المليشيا هزائم كبيرة في محافظتي مأرب والجوف على يد الجيش ومتطوعي القبائل، بينما حاولت فرض شروط استعلائية خلال الأشهر الأولى من هجماتها على المحافظتين، بينها أن تكون لها الكلمة العليا في مأرب وثرواتها النفطية والغازية، معولة على تقدم بداية العام حققته بمساعدة خلايا نائمة في مديريات بمأرب، إلا أن إعادة ترتيب أوراق الجيش والقبائل، خصوصا قبائل مراد نقل المليشيا من وضعية الهجوم إلى الدفاع.
في إبريل الماضي، رفض الحوثيون وقف إطلاق نار أعلنه التحالف العربي من طرف واحد تلبية لدعوة أممية تمكن من مواجهة وباء كورونا، إلا أن المليشيا استمرت في هجماتها بالجوف ومأرب.
واليوم مع تضييق الخناق العسكري في الجوف ومأرب وفشلها في الساحل تبحث عن حبل نجاة تستغله مجددا لترتيب ورقتها العسكرية.