ترتكب الجريمة بحق الشعب لتقيم بكائية "حسينية" تزايد بها على الشعب. هذا هو حال مليشيا الحوثي في العديد من الجرائم التي تقترفها للإمعان في إنهاك المواطنين اليمنيين، بينها جريمة تأزيم سوق الوقود المحلي لتشغيل سوقها السوداء ونهب ما تبقى للناس من مدخرات ودفع المزيد منهم إلى مربع الفقر المدقع، وبدلا من الاعتذار للشعب تستغل خطيئتها بحياء من يصنع ما شاء للخداع والتضليل والكذب على الخلق مثلما كذبت على الخالق بزعمها التحرك طِبق تعاليمه القرآنية.
 
أكثر من ثلاثة أشهر من الصياح ودموع التماسيح، وظفت فيها المليشيا النائحات، تحت الطلب، في مؤسسات الدولة المختطفة وفي وسائلها الإعلامية، لاتهام ما تسميه "دول العدوان والمرتزقة" بمنع السفن المحملة بالمشتقات النفطية من الدخول إلى ميناء الحديدة.. تبكي زورا وبهتانا المرضى في مستشفيات مهددة بالتوقف بسبب فراغ خزانات شركة النفط من الوقود، وكم من المرات أعلنت هذه الشركة المنزوعة نفاد مخزنها النفطي.
 
مع تلك البكائيات الزائفة تزدحم شوارع المدن والخطوط الطويلة بوسائل النقل، ويكاد المرء لا يجد طريقا أو زقاقا، دون أن يرى باعة السوق السوداء وأمامهم الجالونات مختلقة الأحجام لمشتقات نفطية متنوعة الألوان والأصناف، لكن بأسعار تفوق الِأسعار الرسمية التي سبق أن فرضتها المليشيا بأكثر من ضعف السعر العالمي وتكاليف النقل الخارجي والداخلي والضرائب والإتاوات، لتتراوح الأسعار حاليا بين خمسمئة إلى ألف ريال للتر الواحد في الأزمة المفتعلة.
 
بحسب التصريحات الحوثية يتراوح الاستهلاك اليومي للمشتقات في مناطق سيطرتها بين 5-10 ملايين لتر، ما يشير إلى أن المناطق الخاضعة للمليشيا احتاجت في الثلاثة الأشهر الماضية ما بين 450- 900 مليون لتر، وإن تم أخذ الحد الأدنى مع تخفيض مليوني لتر يوميا كذلك، فإن الاستهلاك بلغ ما بين 270- 300 مليون لتر، فمن أين أتت هذه الكمية بأقل حد لها في كنف حظر شامل تزعمه المليشيا؟!
 
بالتأكيد الحوثيون لا يعلنون عن دخول سفن كبيرة تحمل الوقود إلى ميناء الحديدة منذ مايو الفائت، فهم يتحدثون عن سفن إحداها تحمل قرابة عشرة آلاف طن ( ما بين 10-12 مليون لتر) بينما تغفل تفريغ سفن تتجاوز حمولتها 50 ألف طن.
ما دخل من المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة ما بين 150- 180 مليون لتر على الأقل، بناء على ضم ما تم إعلانه من المليشيا إلى المستنتج من تصريحات حوثية غير مباشرة، لكنها رسمية، تشير إلى احتجاز 15 سفينة بحمولة 419 ألف طن، ثم الإعلان عن استمرار احتجاز 13 سفينة تحمل 318 ألف طن، أي أن كمية تفوق 100 ألف طن فرغت في الحديدة دون أن تعلن عنها المليشيا الحوثية، وبالتالي يتبقى ما يقارب هذه الكمية استهلكت في شهور النياحة الحوثية.
 
في الواقع وصل جزء من بقية الاستهلاك من المناطق المحررة، بعد افتضاح أمر منع المليشيا دخول مقطورات الوقود من هذ المناطق، فيما كشفت تقارير، أكدتها حرائق مشتقات في خَزانات قيادات حوثية، أن تجارا يتبعون المليشيا يحتفظون بعشرات آلاف الأطنان من الوقود النفطي في أفنية منازل وأحياء سكنية.
 
تستخدم مليشيا الحوثي قميص النفط، لزيادة مواردها من السوق السوداء، وللابتزاز والتعبئة، من قبيل ترويجها أن حسم معركة مأرب سيساعد بشكل كبير في تخفيف حصار "العدوان" في مجال الوقود، بل تستغل الأزمة المفتعلة لمقايضة المواطنين بالغاز المنزلي مقابل الانخراط في أنشطتها الطائفية والتعبوية.
 
تتواتر الشواهد الداخلية والخارجية على كشف زيف العويل الحوثي، كان منها تطرق المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، إلى تقليص تدفق سفن المشتقات النفطية كرد فعل على نقض المليشيا اتفاقا يقضي بتوريد المداخيل الجمركية للمشتقات الواصلة ميناء الحديدة إلى حساب خاص بالمرتبات، وقيامها بسحب عشرات المليارات المتجمعة في الحساب، ثم رفضها مبادرات لحل مشكلة المرتبات. وبين ليلة وضحاها نقلت المليشيا غريفيث من حياديته الأممية إلى صف الأعداء، متناسية خدماته الجليلة لأجنداتها ذات التبعية الإيرانية.
 
أثناء كتابة هذه المقالة خرجت للعلن جريمة تعذيب خمسة ذئاب بشرية للشاب عبدالله الأغبري، ما أضاف وقودا لحالة الاستياء العام من كل شيء في العهد الحوثي.
 
وفي حين لا تترك المليشيا فرصة إلا وقفزت لاستغلالها في بكائياتها إلا أنها في قضية الأغبري عتّمت الأمر وأخرت إجراءات المسار القانوني، لتتيح فرصة لأحد المشايخ المحسوبين عليها يقوم خلالها بترغيب وترهيب أسرة الضحية، فقط لأن من قاد عملية التعذيب أحد ضباط أمنها الوقائي، لولا أن سرب بعضهم فيديو الجريمة البشعة، ونقلها من دهاليز العصابة الحوثية إلى عهدة الرأي العام. خسئت وخسئ عهدها القذر.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية