أكثر من يشعر بالخسارة في المصائب والأقدار التي تنتقي الضحايا، هم الوالدان، فالحزن الذي يخلفه فقدان فلذات الأكباد، يظل رفيقا دائما لهما يعتصر القلوب قبل الأعين ولا يسقطه التقادم.
 
أم محمد خسرت اثنين من أبنائها بجريمتين للحوثيين، ظلت تبكي دمًا ودموعا، حتى غادرها بصرُها، فكان حالها المرثي له، لا يقل تأثيرا من جريمة المليشيا المعتادة في الضرب على رقاب الأبرياء، حتى الموت.
 
محمد شماع، وأخوه عبدالله، من أبناء قرية التعفاف في المجيليس، ضحايا انتهاكات الحوثيين، قتل الأول بعبوة ناسفة لمليشيا الحوثي زرعت في جانب الطريق المعبد بقرية السقف، الذي يوصله إلى مرسى الاصطياد، حيث يبدأ عملَه  في صيد الأسماك وينتهي مع المئات من الصيادين، وقضى الآخر نحبه بحادث إجرامي منفصل للمليشيا في مدينة الحديدة.
 
 تحدثت الأم لوكالة "2ديسمبر" وعيناها الفاقدتان للبصر، تذرفان الدمع، إنه حالها مع البكاء الذي يرافقها في كل لحظة وهي تتحسس أبناءها المغيبين في الموت، فتؤمن أنها الأقدار التي تسير الناس في الحياة والموت، لكنها خسارةٌ لا مهرب منها إلا إلى ذرف الدموع.
 
كانت السيارة التي يستقلها الصيادون وأحدهم محمد تسير كالعادة نحو أفق العمل، غير أن الحوثيين كانوا قد أعدوا لجريمتهم جيداً، وخططوا بعناية لقتل من هم على السيارة، وهو ما حدث فعلاً بكارثة ألقت بتبعاتها على الأم المسنة التي لا حول لها ولا قوة.
 
جرائم يندى لها الجبين، تخطف أرواح الأبرياء بلا ذنب ولا جريمة، فقط لأن الحوثيين تعودوا على سفك الدماء، فلا يهدأ لهم بال إن لم يرتكبوا مذابح يومية بحق أبناء تهامة الذين لا يعرفون عن الحرب إلا خسارة الأنفس والأملاك، والوقوع دائما في فخاخ مليشيا الحوثي.
 
شقيقة محمد، أكملت رواية الأم، فالضحية ابن الأسرة الأكبر، ومعيلها الأول والمنقذ في كل المحن، وخسارته بهذه الطريقة الوحشية للحوثيين، كانت صدمةً وخسارةً للجميع في آن واحد.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية